جونشيرو تانيزاكي نبي البيئة
محمود يعقوب .
ولد جونشيرو تانيزاكي في نيهونباشي ، طوكيو، اليابان ، في ۲٤ / يوليو/ ۱٨٨٦ لعائلة تعمل في التجارة ، وتمتلك مؤسسة للطباعة . درس الأدب الياباني في جامعة طوكيو الإمبراطورية . ظهرت أول أعماله المنشورة عام ۱٩۱۰ ، وكانت مسرحية من فصل واحد ، في مجلة أدبية ساعد في تأسيسها . عاش تانيزاكي في العاصمة طوكيو حتى حدوث الزلزال المدمر عام ۱٩۲٣ ، الذي خرّب معظم العاصمة . انتقل على إثره إلى منطقة كيوتو ـ أوساكا الهادئة ، المكان الذي تدور فيه أحداث روايته الشهيرة ( الأخوات ماكييوكا ) . هناك استحوذ عليه ماضي اليابان فتخلّى عن تجربة تغرّبه ” التشبه بالغرب ” السطحي ، وتوجّه نحو استكشاف المثل اليابانية التقليدية للجمال .
كان مؤلفاً يابانياً ، وواحداً من الكتّاب الرئيسيين للأدب الحديث ، وربما كان الروائي الياباني الأكثر شعبية بعد الروائي ناتسومي سوسيكي .
بعض أعماله تقدّم عالماً صادقاً إلى حدّ ما من النشاط الجنسي ، والهواجس الجنسية المدمّرة ، والبعض الآخر أقلّ إثارة . يصوّر بمهارة ديناميات الحياة الأسرية في سياق التغيرات السريعة في المجتمع الياباني في القرن العشرين . كثيراً ما يتم سرد قصصه في سياق البحث عن الهوية الثقافية اليابانية ، التي شغلت معظم كتّاب اليابان إثر الانفتاح على الحضارة الغربية والغزو الثقافي للتقاليد اليابانية .
تأثّر في أدغار آلان بو ، وأوسكار وايلد ، بودلير ، والمركيز ساد …
اعتباراً من عام ۱٩۲٣ بدأ بكتابة العديد من الأعمال الأدبية الخالدة ، ومن بينها رواية
( نبات المرنطة ) ۱٩۲٣، ( ناعوومي ) ۱٩۲٤ ، ( البعض يفضّل نبات القرّاص ) ۱٩۲٤ ، ( مديح الظل ) ۱٩٣٣ ، ( التاريخ السرّي لأمير موساشي ) ۱٩٣٥ ، و ( قطة ورجل وامرأتان ) ۱٩٣٦. كما أصدر نسخ معاصرة باللغة اليابانية الحديثة للرواية العظيمة ( حكاية جينجي ) للكاتبة موراسكاي شيكيبو ، وهي أحد آثار الأدب الياباني الكلاسيكي العظيمة للسنوات ۱٩٤۱ ـ ۱٩٥٤ ـ ۱٩٦٥ . كما أصدر ( الأخوات ماكييوكا ) ، وكذلك ( والدة الكابتن شيجوموتو ) ۱٩٤٩ ، ( المفتاح ) ۱٩٥٦ ، و ( سنوات الطفولة ) ۱٩٥۷، و (يوميات رجل عجوز مجنون ) ۱٩٦۱ ، وغيرها من الكتب .
منذ عام ۱٩٣۰ بات تانيزاكي أديباً يابانياً معروفاً ،حتى أنّ أعماله الكاملة نشرت ، ومنح الجائزة الإمبراطورية للجدارة الأدبية في عام ۱٩٤٩ .
انتخب عام ۱٩٦٤ عضو شرف في الأكاديمية الأمريكية ـ الجمعية الوطنية للفنون والآداب ، وكان أول ياباني يحصل على هذا التشريف .
فارق عالمنا في ٣۰ / يوليو/ ۱٩٦٥ .
جونشيرو تانيزاكي من أوائل الكتّاب اليابانيين الذين تعرّف بهم القارئ العربي ،
” فالتعريف بهذا الكاتب العملاق تمّ على يد كتّاب ومترجمين عرب أفاضل منذ ما يزيد على ربع قرن من الزمان ،وقد أتيح للقارئ العربي الإطلال على جانب من إبداعه ” [۱] .
عاش تانيزاكي ما يقارب من الثمانين عاماً ، أمضى منها أكثر من خمسين عاماً في الإبداع القصصي والروائي والنقدي ؛ وأورث الساحة الثقافية في اليابان نتاجاً ثرّاً ، كان له صدى كبيراً . وقد تُرجمت أعماله إلى معظم لغات العالم الحيّة ، ومنها اللغة العربية . وعلى الرغم من ذيوع شهرة أعماله ، وانتشارها ، إلّا أن الحظ لم يحالفه في الحصول على جائزة نوبل للآداب ، ذلك لأن لجنة الجائزة كانت تنظر إلى مجمل أعماله الأدبية بأنّها مسلّية ، وممتعة ، ومُنحلّة ، أكثر من كونها أعمالاً تحتوي على فكر ، وإن الكاتب آثر أن يختار في معظم أعماله القصصية والروائية شخصيات منحرفة في بعض سلوكها . غير أن النقّاد ومتابعيه يرون انه يرصد تلك الزوايا المظلمة الخفية في أعماق الناس ويغمرها بضياء الشمس ، ليراها الآخرون ويأخذوا العبرة والدرس منها دون أن نغفل عنصر المتعة في النسيج الفني إلى جانب الفائدة .
تانيزاكي معروف جيداً ببراعته الأسلوبية ، وتصوير مواقف نفسية غير عادية . وهو في نظر الغرب من أعظم الروائيين في اليابان بلا منازع .
لم تزل كتب جونشيرو تانيزاكي تُطبع وتُنشر حتى اليوم ، ولكن من أكثرها انتشاراً ، وأعمّها شهرة هو كتابه البديع ( مديح الظل ) ، الذي كتبه عام ۱٩٣٣م . وتمّت ترجمة هذا العمل الخالد إلى اللغة العربية من قبل المترجم الحبيب السالمي ، وصدرت الطبعة الأولى عن دار طوبقال المغربية عام ۱٩٨٨م ، في ٥٥ صفحة .
كتيّب ( مديح الظل ) هو دراسة حسّية في أهمية الظلال ، وفهم أسرارها ؛ تمّت إثر سلسلة من الملاحظات والتدقيقات المحتدمة ، والبالغة الدقة لرصد ، وفهم هذه الظاهرة الطبيعية ، التي يخالطها شيء من الغموض في حياتنا ، بل هي تنال الكثير من الاهتمام في الحياة الشرقية عموماً .
تمّت دراسة جونشيرو تانيزاكي للظل ببهجة ، وتماهي في روح الظلال ، إلى حدّ الذوبان فيه . فكانت هذه الدراسة بمثابة بيان شعري ، جمالي حول الضوء والظل ، وتحية يابانية بليغة وخالصة للجمال والتقشف . وهي نظرة ثاقبة في عالم منسي .
لا يغيب عن بالنا أن العديد من الدراسات الفيزيائية ، والفلسفية ، والفنية ، بل وحتى النفسانية كُتبت عن الظل وآثاره ؛ ولكن دراسة بمثل هذا العمق ، والإحساس المرهف ، والتقديس العميق ، لا تجعلنا نتوقّع ظهور كتابة مثلها .
كتاب ( مديح الظل ) جوهرة الأدب الياباني ، التي تألّقت حال صدورها عام ۱٩٣٣ ، وهو ينتمي إلى هذا الترتيب الخاص للكتب الرقيقة ، ذات القوة الهائلة التي تسحر القارئ العادي بموضوع باطني ، وتاركة بصمة مدى الحياة على خياله ! .
الظل في المعاجم اللغوية :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في كتاب د . فاطمة الوهيبي : ( الظل .. أساطيره وامتداداته المعرفية والإبداعية ) ، ذكرت المؤلفة عبارة افتتاحية لابن منظور في لسان العرب :
يُقال للرجل إذا مات وبَطُلَ : ضحا ظله . يُقال ضحا ظله إذا صار شمساً ، وإذا صار شمساً فقد بَطُلَ صاحبه ومات [۲] .
وفي موضع آخر ، يُقال أيضاً : شجرة ضاحية الظل : لا ظل لها [٣] .
الظل : نقيض الضحّ أي ضوء الشمس [٤] .
الظل : ما نسخته الشمس . وهو من الطلوع إلى الزوال . كذا عبّر ابن كمال . وقال الراغب : الظل : ضد الضحّ وهو أعمّ من الفيء ، فإنه يُقال ظل الليل وظل الجنة . ويُقال لكل موضع لم تصل إليه الشمس ظل ، ولا يُقال الفيء إلّا لما زال عنه الشمس . ويًعَبّر بالظل عن العز والرفاهية . الظل في اصطلاح أهل الحقيقة : وجود الراحة خلف الحجاب . ويُقال هو الوجود الإضافي . قال تعالى ” ألمْ تَرَ إلى ربّك كيفَ مدّ الظل ” أي بسط الوجود الإضافي على الممكنات [٥].
ونحن نذكر اسم العالِم الفاضل ، الجليل القدر ، عادة مقروناً بعبارة ” دام ظله ” ، ومعنى ذلك : إذا غدا علماً من أعلام الإيمان والعلم ، فإن المؤمنين يستظلون بظله ، أي يستفيدون من وجوده وبقائه .
وبهذا نستشف أنّ الظل يقابل الحياة والوجود .
نُشِرَ الكتيب هذا كردّ فعل لتبدّل أساليب الحياة ، بحكم التطور التكنلوجي الحديث ، والشعور بحالات من الفقد لا يمكن تعويضها ؛ وعلى الرغم من أن الأشياء التي فُقِدت بسبب هذا التطور حلّ محلها أشياء أفضل منها بكثير ، بل أكثر كفاءة في العمل ، والحركة ، والنقل ، إلّا أن الآثار البسيطة أو التفاصيل البسيطة التي كانت تحمل غنى روحي وثقافي بل وجمالي لا يمكن تعويضها بحال ! .
تقول اليابانية أكيكو هيراري ـ متخصّصة بالخزفيات ـ في معرض تعليقها على كتاب ” مديح الظل ” : الجودة التي نسمّيها الجمال يجب أن تنمو دائماً من واقع الحياة ، وأجدادنا ، الذين عانوا من الفقر والشظف ، اضطروا للعيش في غرف مظلمة ، جاءوا حالياً لاكتشاف الجمال في الظل ، في نهاية المطاف لتوجيه الظلال نحو غايات الجمال .
في مديحه للظلال يوضح تانيزاكي بالتفصيل التقاليد الجمالية اليابانية باستخدام الغرب كنقطة مقارنة . في الوقت الذي يسعى الغرب إلى وفرة وتألّق النور ـ الغربي لا يتوقّف سعيه للحصول على ضوء أكثر إشراقا ، ولا يدّخر أي ألم للقضاء على أدقّ التفاصيل ـ يجد اليابانيون خاصة ، والشرقيون عموماً ، عمق الغموض في الظلال . ثمة تصوّر قائل بأن الظلال تضيف العمق والغموض .
يقول تولستوي : كل جمال الحياة مصنوع من الضوء والظل .
يتناول تانيزاكي موضوعاته بتفاصيل مبهجة ، حتى يكون المرحاض عنده موضوعاً للجمال والتأمّل ـ مكان للراحة الروحية ـ قد نتساءل كيف يمكن لمؤلف أن يتحدّث غنائيّاً عن سحر المرحاض الياباني لثلاث صفحات ! .
لا نجد الجمال في الشيء نفسه ، ولكن في أنماط الظلال والضوء والظلام . إن شيئاً ما ضد الآخر يخلق الجمال .. لولا الظلال لن يكون هناك جمال .
هذا الكتاب هو ، في الواقع ، بوّابة ، بقراءتها ستقودك لمسة جونشيرو تانيزاكي الحقيقية إلى عالم غامض وهاديء من الظلام والظلال ؛ حيث يومض الذهب في كآبة ، ويسود السكون العميق . يعلمنا تانيزاكي أن نرى الجمال في المعدن المشوّه ، والكرامة الكئيبة في الفخار غير المزجّج ، وأولويّة المواد العضوية التي تشهد على اللمسة العادية للأيدي البشرية ، ويذكّرنا بأن الكثير من الضوء يمكن أن يلوّث ويخفي عالمنا الطبيعي .
إن كتابة تانيزاكي هذه شهادة على النظرة اليابانية الخالدة للأشياء والحياة ، وليس من الغريب أن يصفه البعض بأنّه نبي بيئة .
في معرض تحليلات تانيزاكي للظل ، يتناول العديد من الموضوعات الحسّاسة ، منها طريقة استخدام اليابانيين للأجهزة المنزلية بصورة تنمّ عن الذوق الجمالي والتقشّف . يفتتح كتابه بالقول :
” يَتَعرّض هاوي العمارة ، الذي يريد أن يبني في عصرنا الحالي ، بيتاً من طراز ياباني خالص ، لخيبات عديدة ، أثناء تجهيز هذا البيت بالكهرباء والغاز والماء . وإذا لم يخض الإنسان بذاته تجربة البناء ، فإنه يكفي أن يدخل إلى قاعة في ماخور أو مطعم أو فندق كي يدرك الجهود التي ينبغي بذلها من أجل دمج هذه الأجهزة بانسجام في غرفة من طراز ياباني ” [٦] .
المعمار الياباني يتفنّن في إخفاء تلك الأجهزة ، والأسلاك الكهربائية بقدر كبير من المهارة .
” أما المروحة فهي قضية أخرى ، فلا دويها ولا شكلها يتطابقان بسهولة مع طراز غرفة يابانية ” [۷] . ولكن في المؤسسات التي تستقبل زبائن ، يتقبّل الياباني وجود تلك المروحة على مضض . ولكن اختيار الإضاءة المناسبة وشكل المصباح ونوعه تبقى هي القضية الأساسية في إضفاء اللمسات الجمالية النهائية على هذه العمارة .
إن أحد موضوعات الظلال التي أولاها تانيزاكي رعاية خاصة ، وكتب عنها بطريقة مرهفة تثير العجب ، هي موضوعة المرحاض الياباني . فقد كتب يقول بشيء من السحر :
” كلّما دلّوني ، في أحد أديرة كيوتو إونارا ، على طريق المراحيض المبنية على الطريقة القديمة ونصف المعتمة والنظيفة جداً بالرغم من ذلك ، انتابني إحساس قوي بالميزة النادرة للعمارة اليابانية . إن مقصورة الشاي مكان ممتع ، وأنا أحب ذلك ، أما المراحيض من طراز ياباني فهي قد ابتكرت حقّاً لسلام الروح . إنها توجد دائماً بعيداً عن البناية الرئيسية ، في حماية أجمة تنبعث منها رائحة أوراق الأشجار والطحلب . بعد أن نعبر ممرّاً مغطّى يؤدي إليها ، ونقرفص وسط الظلمة ، وننغمس في ضوء سُوجي الناعم ، ونغرق في تخيّلاتنا ، ينتابنا ، ونحن نتأمّل مشهد الحديقة التي تمتدّ تحت النافذة ، إحساس يتعذّر وصفه . ويذكر المعلم سوسيكي ( أحد الروائيين الكبار في بداية القرن العشرين ) ، فيما يبدو، أن من بين متع الوجود الذهاب كل صباح إلى المراحيض للاستراحة ، موضحاً أن هذه اللّذة هي أساساً من صنف فيزيولوجي . ومن أجل تذوّق هذه المتعة بعمق ، ليس هناك مكان أكثر ملائمة من
المراحيض التي من طراز ياباني ، حيث نستطيع أن نتأمّل ، في حماية جدران بسيطة جداً وملساء ، لازورد السماء وخضرة أوراق الأشجار …
والحقيقة أن هذه المراحيض تلاءم أزيز الحشرات وزقزقة العصافير واللّيالي المقمرة أيضاً . إنها أحسن مكان لتذوق كآبة الأشياء الموجعة في كل فصل من الفصول الأربعة . ومن المؤكد أن شعراء الـ ” هايكو ” القدامى وجدوا فيه موضوعات كثيرة . وهكذا نستطيع أن نزعم أن العمارة اليابانية بلغت ذروة الرفاهية في بناء المراحيض . وللمفارقة فقد نجح أجدادنا الذين كانوا يضفون بعداً شعرياً على كل شيء في تحويل المكان ، الذي يفترض أن يكون بسبب استعماله أكثر الأماكن قذارة في البيت ، إلى مكان ظريف ” [٨] .
ويؤكد أيضاً بأنه من الأفضل حجب كل شيء في هذه الأماكن بظلمة خفيفة ، غامضة ، لأن الضوء الوافر السطوع يفقدنا كل رغبة في التمتّع ” باللّذة الفيزيولوجية ” التي تحدّث عنها المعلم سوسيكي . ليس من اللائق أن نكشف عن أجسادنا بسبب الضوء ، بل من سوء التهذيب أن نضيء هذا المكان بطريقة صارخة إلى هذا الحد .
ولا يبدي تانيزاكي أي اعتراض على تبنّي وسائل الراحة التي توفّرها الحضارة بشأن الإضاءة والتدفئة وأحواض المراحيض ، ولكنه يتساءل قائلاً لماذا لا نولي عاداتنا وأذواقنا أهمية أكثر .
يتساءل تانيزاكي أيضاً حول الإنتاج الحضاري لكل دولة من الدول ، فلو أبدع الشرق أو الغرب ، كل على حدة ، وبشكل مستقل ، ما يمثل ثقافته وحضارته وتاريخه الخاص ، سيحمل هذا الإنتاج ، بكل تأكيد ثراءً في الشكل والمضمون بحيث يصون في داخله الخصوصية الثقافية للدولة المنتجة .
فيذكر في هذا الصدد :
” نشرت مقالاً في مجلة ( بونجي ـ شونجي ) أقارن فيه بين قلم الحبر سواء أكان يابانياً أو صينياً قديماً ، من المؤكد أنه سوف لا يزوده بريشة معدنية ، وإنما بريشة عادية ، وسوف لا يستعمل حبراً أزرق وإنما سائلاً مماثلاً للحبر الصيني ، سيتفنّن في إسالته من الخزان حتى وبر الريشة ” [٩] .
وكذا الحال بالنسبة لورق الكتابة ، فالورق الغربي ناصع البياض ، تكاد الأشعة المضيئة تقفز على سطحه ، بينما الورق الياباني ، والصيني يمتص الأشعة برخاوة ، وهي أوراق تطوى وتدعك من دون أن تحدث ضجيجاً ” ملامستها ناعمة ونديّة قليلاً مثل ملامسة ورقة شجرة ” .
إن ثمة اختلاف حقيقي بين نظرة الغرب والشرق إلى الضوء الساطع ، وتقبّل كثافة الظلال ، وهي نظرة تمتدّ إلى مجمل تفاصيل الحياة مهما بدت صغيرة أو تافهة في نظرنا . الياباني لا يحبذ رؤية شيئاً برّاقاً ، ويشعر بالضيق جراء ذلك . في الوقت الذي يستعمل فيه الغربيون أدوات منزلية من الفضة والنيكل والفولاذ ، ويجلونها كي تلمع ، نجد اليابانيون يفرحون برؤية هذه الأدوات وقد اغبرّ سطحها واسودّ تماماً بمرور الزمن ! . اليابانيون والصينيون يعثرون في الآنية المعدنية ، التي يستخدمونها ، على نوع من الأناقة والجمال ، إذا ما تقادمت ومرّ عليها ظلال الزمن .
وكذلك الأمر بالنسبة للحجر الكريم الذي يتداولونه في الصين واليابان . إذ كتب تانيزاكي يقول :
” إن الصينيين هم الذين أعجبوا بهذا الحجر الذي نسمّيه اليَشَب ، هل كان ينبغي فعلاً أن نكون من الشرق الأقصى ، مثلنا ، كي نجد سحراً في هذه الكتل الحجرية الغامضة التي تضم في أعماقها وميضاً منفلتاً وكسولاً ، كما لو أن هواء قديماً تخثّر داخلها ؟ ما الذي يمكن أن يجذبنا في مثل هذا الحجر الذي لا يمتلك ألوان الياقوت أو الزمرّد ولا لمعان الماس ؟ “[۱۰] .
إن الذوق الشرقي لا يؤثِر البريق السطحي البارد ، سواء في الأحجار الكريمة أو المواد الاصطناعية ، وإنما يؤثِر البريق شبه المغبر الذي يُذكّر بآثار الزمن ، ذلك البريق الذي يحدثه اتساخ الأيدي ! .
ويؤكد تانيزاكي على حب اليابانيين للألوان ولمعان الأشياء التي لوّثها الوسخ أو سواد الدخان أو تقلبات الطقس ، وما شابه ذلك ، وإن العيش في بناية أو بين أدوات منزلية تمتلك هذه الصفة يهدئ القلب ويريح الأعصاب بشكل عجيب !.
كما يرى أن المريض إذا كان يابانياً ، فيجب أن لا يكون لغرف المستشفى وللملابس الطبية والأدوات الجراحية ذلك البريق المعدني الوهّاج والبياض الصارخ ، لأجل التقليل من خوف المريض .
إن هذه الرؤى المدهشة التي ينظّر لها تانيزاكي ، هي ليست وليدة ملاحظاته الدقيقة وحسب ، بل تشاركها مجموعة من أفكاره ورؤاه للعودة إلى جذور الجماليات التقليدية لليابان .
◘ ◘ ◘
في السنة الثالثة من الحرب العراقية ـ الإيرانية ، التي استمرّت زهاء ثمان سنوات ، كنت جندياً في إحدى جبهات الحرب ، وكان برفقتي أيضاً جندي ينحدر من أسرة ريفية . وتصادف ، منذ مطلع هذه السنة أن فُقِدَت السجائر تماماً من الأسواق العراقية . وكنت أنا وصديقي مدمنين على التدخين من غير انقطاع . فعرجنا معاً على ابتياع كميات وفيرة من ورق سجائر” البافرة ” التركية ، مع التبغ المحلّي . وشرعنا بلف السجائر ليل نهار . في الواقع لم أكن أنا من يلفّ السجائر ، انصبّ جلّ اعتمادي على صديقي الفلّاح الذي برع في هذا الأمر . مع مرور الأيام تنبهت إلى أن الرجل لا يقوم بعمله إلّا وهو يجلس في الظل ، ما دفع بي إلى الاستفهام عن مغزى ذلك ؛ فأجاب ، في ثقة ، بأن لف السجائر وتدخينها في الظل ألذّ ، وأطيب نكهة ممّا لو تم الأمر في ضوء الشمس الساطعة . أثار دهشتي قوله هذا ، ولم أكن قد سمعت مثله من قبل ؛ ولكنني وجدت لذّة عظيمة في أن أجلس برفقته ونحن ندخّن السجائر في الظل .
عادت هذه الذكريات إلى ذهني حالما قرأت كلام تانيزاكي عن المطبخ الياباني ، إذ راح يكتب قائلاً :
” يُقال إن المطبخ الياباني ليس شيئاً يؤكل ، وإنما هو شيء يشاهد . في حالة كهذه ، أشعر برغبة في أن أقول : وإنما هو يشاهد ، والأفضل من ذلك يًتأمّل …
ضعوا الآن على صحيفة حلويات مطلية باللك قطعة من حلوى الـ ” يوكان ” ذات الألوان المتناغمة ،أغرقوها في ظلام نميّز داخله بالكاد الألوان ، عندئذ تصبح هذه الحلوى أكثر إثارة للتأمّل . وأخيراً عندما ندخل هذه المادة النضرة والناعمة إلى الفم ،
نشعر كما لو أن قطعة من ظلام الغرفة متجمّدة في كتلة حلوة المذاق تذوب على طرف لساننا “[۱۱] .
وفي خلاصة قوله يدرك بأن المطبخ الياباني ينسجم مع الظل ، وأنه توجد بينه وبين الظلام روابط متينة .
في معرض حديث تانيزاكي عن علاقة الظل بفن العمارة اليابانية ، تعمّق أكثر في إبراز جماليات الظل في أماكن العيش والسكن ، حيث يمضي الياباني وقتاً طويلاً من حياته ؛ وهو يسعى إلى المقارنة مع العمران الغربي . فيشير إلى أن أبرز ما يثير الانتباه في المظهر الخارجي للبناء هي السقوف الضخمة التي تخيّم فوق القصور ، والمعابد ، وحتى المساكن ، في اليابان ؛ حيث تخلع هذه السقوف ظلاً وفيراً على ما تحتها من بناء ، على العكس من سقوف الأبنية الغربية . فيشبّه السقف الياباني بأنه عبارة عن مظلّة ، بينما السقف الغربي ليس أكثر من قبّعة ، بأطرافه المحدودة .
ويرى بأن جمال غرفة في بيت ياباني ناتج عن اللعب بدرجة كثافة الظل فيها فقط ، في الوقت الذي يتم فيه الاستغناء عن الملحقات الديكورية . وعندما يلاحظ الإنسان الغربي ذلك يُفاجأ بهذا العراء ، وهو لا يشاهد أمام عينيه غير جدران رمادية ، خالية من كل
زخرف ، هذا إذا لم يتنبه بذكاء إلى لغز الظل في الغرفة .
ولكي يزيد اليابانيون من إبعاد ضوء الشمس عن الغرف لجئوا إلى حواجز السوجي التي ” تغربل ” الضوء القادم من الخارج ، وهم يطلون جدران الغرفة الرملية بألوان غير مثيرة ، لكي تتشرّب بعمق هذا الضوء الخفيف ، المنهك ، والعابر .
المباني اليابانية تقدّر الظل ، والغرفة اليابانية على وجه الخصوص تقدّر الظل كشيء لا ينبغي استئصاله ، ولكن يتم دفعه إلى هوامشه .
في الواقع يجادل جونشيرو بأن الإضاءة المفرطة هي هجوم أكثر وحشية على الجمال في الغرب .بعد نصف قرن من صدمة ضوء إديسون الكهربائي للمدن الأمريكية بتوهجها المروع ، يفكّر جونشيرو في هذا المظهر المؤسف بشكل خاص لاتجاهنا المَرَضي، الغربي ، لتحويل كل شيء إلى الإنارة المفرطة . ويرى إثر هذا التطور في نُظم الإنارة بأننا مخدّرين في الوقت الحاضر بواسطة الأضواء الكهربائية ، لدرجة أصبحنا فيها غير حسّاسين تماماً لشرور الإضاءة المفرطة .
في معظم المباني الحديثة الطراز الغربي ، تكون السقوف منخفضة للغاية ، بحيث يشعر المرء بأن المصابيح كما لو كانت كرات نار تتوهّج مباشرة فوق رأسه … إن كرة واحدة من هذه الكرات النارية تكفي لإضاءة مكان بهذا الصغر ، ولكن ثلاث أو أربع منها كانت بمثابة حريق يندلع من أسفل السقف ! . وهناك نسخ أصغر على الجدران والأعمدة ، لا تخدم أي وظيفة سوى القضاء على أي أثر للظل لاذ في ا لزوايا .
◘ ◘ ◘
يتنقّل جونشيرو بين شتّى الموضوعات ، مستعرضاً جماليات الظل فيها ، من سينما ومسرح ، والشيخوخة ، والنساء وغير ذلك . وفي معرض حديثه عن المرأة ، والجمال الياباني يسهب في حديثه المدهش ؛ فيذكر بأن ملابس النساء كانت أقلّ تألّقاً من تلك التي يرتدينها اليوم . وكانت الفتيات في البيوت البرجوازية يرتدين ثياباً ذات ألوان كامدة بشكل لا يصدّق ، لم يكن اللباس سوى جزء صغير من الظل . ومن بين الأشياء التي يتبرجن بها ، تسويد الأسنان ، كما لو أنهن يهدفن إلى وضع لمسة ظل حتى في الفم .
كان قدماء اليابانيين يعتبرون المرأة كائناً ملازماً للظلام ، على غرار الأشياء المطلية باللّك وبمسحوق الذهب أو الأشياء الصدفية ، ويجتهدون قدر استطاعتهم في إغراقها تماماً في الظل ؛ هذا ما يفسّر استعمال الأكمام الطويلة ، وهذه الذيول الطويلة التي تحجب بظلّها الأيدي والأقدام ، بحيث يكتسي الجزء الواضح الوحيد من الجسد ، أي الرأس والعنق ، أهمية بالغة .
كانت النسوة اليابانيات ، آنذاك ، يستخدمن في زينتهن بدلاً من أحمر الشفاه طلاءً بلون أخضر ـ أزرق ، وعن هذا يكتب جونشيرو قائلاً :
” كان أجدادنا يسحقون عن قصد شفاه زوجاتهم الحمراء تحت هذا الطلاء الأخضر المائل إلى السواد، الذي يبدو كأنه مرصّع بالأصداف . إنهم ينتزعون بهذه الطريقة ، كلّ تأجّج من أكثر الوجوه تألّقاً . تخيّلوا ابتسامة امرأة شابّة على ضوء فانوس مترنّح يلمّع ، بين حين وآخر ، أسناناً في لون اللّك الأسود بين شفتين لهما لون أزرق وهمي يشبه لون اللهب الخفيف : هل يمكن أن نتصوّر وجهاً أكثر بياضاً من هذا الوجه ؟ بالنسبة لي أنا ، على الأقل ، أعتبره أكثر بياضاً من بياض أية امرأة بيضاء … أن بياض الإنسان الأبيض ، بياض شبه شفّاف وبديهي ومبتذل ، بينما بياض تلك المرأة هو بياض منفصل نوعاً ما عن الكائن البشري . من الممكن أن لا يكون لبياض كهذا أي وجود حقيقي . من الممكن أن يكون مجرّد لعب خادع وعابر بالظل والضوء ” [۱۲] .
بهذا يظهر لنا المقال غارقاً في لجج الحنين إلى الماضي .
وباختصار فإن قصد جونشيرو من كتابة كل هذا ، هو طرح سؤال لمعرفة ما إذا بقيت في هذا الاتجاه أو ذاك ، في الآداب والفنون مثلاً ، وسيلة لتعويض الضرر . وهو يؤكّد من جانبه أن يحاول ، في مجال الأدب على الأقل ، إحياء عالم الظل ، هذا الذي نحن نبدّده حالياً .
كيف يفعل ذلك ؟ إنه يود أن يسعى لتوسيع إفريز هذا المبنى الذي يسمّى ” الأدب ” ، ويعتّم جدرانه ، ويغمس في الظل ما هو واضح جداً ، ويجرّد داخله من كل متاع وزخرف زائد .
ولنا أن نتساءل : هل فعل تانيزاكي ما كان يتأمله ، ويُنظّر له ، في نتاجه الأدبي الثر ؟ ..
يمكن انتقاء إحدى رواياته العظيمة ، وهي رواية ” التاريخ السرّي لأمير موساشي ” على سبيل المثال ، وليس الحصر والتحديد .
من خلال قراءة متمعنة لأحداث هذه الرواية ، المستمدّة من تاريخ الصراع الأهلي في اليابان ، نرى بوضوح ، كيف يتحاشى جونشيرو الإطناب ، والخوض في تفاصيل شائكة ، ليست بذات أهمية في بناء الرواية . وهو يتجنّب الاطراد في أكثر من حادثة في ثنايا الرواية ؛ في الوقت الذي يترك فيه تلك الحوادث وقد أسدل عليها ثياباً شفيفة ، قاتمة ، وكأنه قد دسّها في الظل .
وحينما يتحدّث عن الجوانب الغامضة في الحياة السرّية لأمير موساشي ، فإنه لا يسلّط الضوء مباشرة على حياته الجنسية المرتكسة .
في كثير من صفحات الرواية تصادف القارئ لعبة الظل والضوء ، حيث يصوّرها جونشيرو ببراعة :
” في المقام الأول هناك عيناها ، وهما فتحتان ضيقتان طويلتان ، يتألّق بؤبؤاهما كبلورتين مستدقتي الرأس تحت جفونها المنسدلة ، وتوحيان بالبرود وبالذكاء المتّقد .
ولا شك في أن زوجات ( الديميو ) في ذلك العهد كنّ يمضين أيامهنّ المترعة بالملل ، معتكفات في الأجنحة الداخلية من قصورهن ، التي لا يتسلّل إليها الضوء إلّا نادراً ،
وربما لهذا اكتسبت جميعهن هذا التعبير المميّز ” [۱٣] .
” فيما كان يحدّق، تأرجح الضوء المنبعث من المصباح الزيتي الصغير ، وارتجف في مجرى التيار الهوائي . ومع كل خفقة راح الظل الذي يلقيه الأنف على الوجه الغافي يتأرجح بدوره . في بعض الأحيان ، وبحسب حركة اللهب ، تبتلع الظلمة الأنف بكامله ، وفجأة يعاود الأنف الظهور ، ثم يختفي ، بدا الأمر كما لو أن الضوء المتقلّب يحاول غواية الصبي ، ومضى الأنف ذاته يستحثه، إذ يبدوكما لو اجتث من موضعه ” [۱٤] .
” اضطرّ دوامي للوقوف تحت الأرضية ، طوال الليل ، ورأسه ناتئ من الفتحة ، وتعطي مذكراته الانطباع بأن الغرفة كانت فسيحة ، والفتحة التي يطلّ برأسه منها ، في منتصفها ، على وجه التقريب . وأمر تيروكاتسو بنصب فراش شوسيتسوين على بعد عشرة أقدام أو أثني عشر قدماً من الفتحة ، أي من رأس دوامي ، فيما امتدّ فراشه هو على بعد أقدام قليلة إلى الوراء من فراشها . كان الصيف ينشر على الدنيا غلالته الحارة ، فعلّقت كلة رقيقة فوق فراش الديميو الشاب وزوجته . ووضع مصباح على كل جانبي رأس دوامي ، وستارة تطوى وراءها ، بحيث يمكن رؤية الرأس بوضوح من تحت الكلة . وعلى الرغم من أن دوامي كان بمقدوره أن يتبيّن على نحو معتم السطح الليّن للكلة ، إلّا أنه لم يكن باستطاعته رؤية شيء من الزوجين المضطجعين داخلها “[۱٥] .
وكما بسط جونشيرو صفحات عدّة للحديث عن المرحاض الياباني في كتابه ( مديح الظل ) ، يعود في روايته هذه ليؤكد أفكار هذا الحديث ثانية ، حينما يصف الأمير تيروكاتسو وهو يصعد إلى مرحاض الأميرة كيكيو ، عبر النفق الطويل الذي تقذف في أعماقه فضلات الأميرة ، فيقول :
” إن الغرفة رغم كونها مرحاضاً فقد أحيطت بالأسوار والأبواب المزدوجة ، وكانت من السعة بحيث تستطيع الأميرة التي بدت مثل زهرة ضخمة في أرديتها الفضفاضة أن تتحرّك فيها بحرية ، وقد كسيت أرضيتها بالحصر المصنوعة من القش ، وأعطت الانطباع بالامتداد الصامت ، الذي يتوقعه المرء من غرفة في القصر ، وأوحت له باقة البخور البديع ذات الرائحة الهفهافة بمزيد من الذهول والرهبة ” [۱٦] .
في نهاية المطاف يتهيأ لي أن هذه الرواية الشيّقة كُتِبَت باسترخاء ، ومن دون كلفة ، في أعماق الظل الشرقي .
المــــــــراجع :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[۱] : (التاريخ السرّي لأمير موساشي ) ، جونشيرو تانيزاكي . المترجم كامل يوسف حسين ، دار الآداب ـ بيروت ۱٩٨٩، ص٥ .
[۲] : مدونة أرصفة الثقافية الاليكترونية .
[٣] : معجم متن اللغة ، أحمد رضا / ۱٩٥٨م .
[٤] : التعريفات الفقهية ـ محـمد عميم الإحسان ـ صدر ۱٤۰٦ھ/ ۱٩٨٦م .
[٥] : التوقيف على مهمات التعاريف ـ زين الدين محمـد ـ المدعو بعبد الرؤوف بن تاج العارفين بن علي بن زين العابدين الخدادي ثم المناوي القاهري توفي ۱۰٣۱ھ / ۱٦۲۲م .
[٦] : ( مديح الظل ) ، جونشيرو تانيزاكي ، ترجمة الحبيب السالمي ، منشورات دار طوبقال الدار البيضاء ـ المغرب ـ ۱٩٨٨م ، ص۷.
[۷] : نفس المصدر السابق ص٨ .
[٨] : المصدر السابق ص۱۰ ـ ۱۱ .
[٩] : المصدر نفسه ص۱٤ ـ ۱٥ .
[۱۰] : المصدر السابق ص۱۷ ـ ۱٨ .
[۱۱] : المصدر السابق ص۲٣ ـ ۲٤ .
[۱۲] : المصدر السابق ص٤٥ .
[۱٣] : ( التاريخ السرّي لأمير موساشي ) ، جونشيرو تانيزاكي ، ترجمة كامل يوسف حسين ، دار الآداب ـ بيروت ـ ۱٩٨٩ ، ص٣۲.
[۱٤] : المصدر السابق نفسه ص۷۰ .
[۱٥] : المصدر السابق نفسه ص۱۷٦ .
[۱٦] : المصدر السابق نفسه ص۱۱٥ .
* : المفال فصل من كتابنا : ” فصول من الأدب الياباني الحديث ” .