لا بدّ أنّه كان رجلاً طيباً ، فما من إنسان إلّا وأحبّه ، وفي روعة هذا الحب عاش حياته ، بمحيّاه الوسيم ، وقوامه الرشيق ، في انشراح وطمأنينة . وعلى الرغم من لمعة اللون الأسود في عينيه الجميلتين ، إلّا أنّ الناظر فيهما يتهيأ له أنّهما تشعّان بلون أخضر أيضاً ، فهل ثمة سراب يلوح في أعماقهما ؟ ..
عاش ( وحيد الخضّار ) وحيداً ، ومفعماً بالأحلام كذلك ، كان يخلع حلماً ويرتدي آخر ؛ وفي أزياء أحلامه كان يبدو للعيان في غاية الأناقة .
إثر وفاة والديه ، ظلّ يشغل بيتهم العتيق لوحده ، وقد عمد إلى دعم إحدى غرفتيه جيداً ، وبذل ما في وسعه من أجل ترميمها ، وتزيينها ، واتخذها مسكناً له . كانت الغرفة رحبة ، تعجّ جدرانها الأربعة بصور الرياضيين ، والفنّانين عموماً ، تلك التي يقتطعها من الصحف والمجلات المصوّرة .
كانت تلك الصور معين تسلية شيقة ، ولهوٍ مستظرف . كان يرقد في سريره ، يطالع صحيفة أو مجلة من المجلّات ، ويتطلّع من وقت لآخر في تلك الصور الحيّة من حوله ، وكان ذلك هو عالمه الحلو ، الصغير .
فاق عمره الثلاثين عاماً ، ولكنّه ظلّ أعزباً . كان جميلاً جداً في عزوبيته ، بل وأجمل بكثير ممّا لو كانت هنالك حسناء إلى جانبه ! . راح العديد من الناس يتعاطفون معه بلطف ، وطالما سألوه عن سبب عزوفه عن الزواج ، وتكفّلت ابتسامته الرقيقة ، الغامضة ، دون استدرار أي جواب شافٍ لظنونهم . وحينما يمعنون معه في أسئلتهم اللحوحة ، كان يخيب آمالهم في أقواله الباردة ، إذ يجيب :
« إنّ سريري ضيق ولا يتسع لشخصين » .
كان ( وحيد ) يبحث دائماً عن الجمال الحقيقي .. الجمال الحي ، البسيط ، ولذلك كان يهيم حبّاً بجمال الطبيعة وسحرها . ثمة صور ، ولمحات ، في هذه الطبيعة ، ينبغي ألّا تضيع عن الأنظار . ولشدّة تعلّقه بالطبيعة ، بدا كما لو أنّه منذور لها .
جعلته خصاله قريباً إلى القلوب ، ولكنّ أقرب الناس إليه كان صديقه الصفّار ( كيري مداس ) ، الرجل الهرم ، والظريف ، الذي لا يسأم منه أحد . على مدى سنين ظلّ كلاهما وفيّاً للآخر . ولم يفترقا في يوم من الأيام .
لا أحد يعلم من ذا الذي خلع على هذا الصفّار اسماً غريباً مثل اسم ( كيري مداس ) ، وما الذي كان يعنيه هذا الاسم ، بدا كما لو أنّه ولد بهذا الاسم ، وعاش به ، على الرغم من غموضه .
عصر كل يوم يخرج ( كيري مداس ) من داره المجاورة إلى دار صديقه ( وحيد ) ، وقد ارتاح من عناء نهار من العمل ، واغتسل كعادته ، ثم ارتدى ثوبه الأسود النظيف ، وغمر جسده النحيل بعباءة حمراء داكنة .
فور خروجه من الدار ، يقف ( كيري مداس ) برهة عند باب منزله الخشبي الثقيل ، يسحبه إليه ، بصرير حاد ، يجعله يحك الأرض بقوة ، ثم يرفع سلسلة طويلة ، مثبتة فيه ، ليقحم نهايتها في عروة ، ويحكمها بقفل ثقيل إلى العارضة العليا . وكانت كوفيته منشورة حول كتفيه في شمس الأصيل .
سرعان ما تخطوان به قدماه نحو دار ( وحيد ) ، والذي تجده يغط في قيلولته ، أثناء هذا الوقت ، وجريدة ما تغطّي صدره ، مبسوطة على عرضها . ولكنّه ما أن يسمع قرع الباب ، حتى يهبّ موتوراً ، وراكضاً ، كمن فاتته المواعيد .
من الحيف أن يُقال عنه هرماً ، كان ( كيري مداس ) شعلة النشاط المتوقد . على الرغم من ضآلة جسده ، ما يلبث أن يشقّ صهيله سوق الصفّارين من آن لآخر ، بحرارة ، وحماس ، تجعل رؤوس الخيول جميعها تطلّ من الدكاكين ، وتردّ عليه بالصهيل نفسه .
في غضون وقت ليس طويلاً ، ينشقّ الباب الخشبي ، المدهون باللون الأزرق الفاتح ، لمنزل ( وحيد ) ، عن هذين الصديقين ، إذ يطلّ ( وحيد ) ، وضّاح المُحيا ، ونونته التي تزين مفرق ذقنه تضحك للهواء . يتحدّث بصوت عميق ، واثق ، تبدو نبراته قادمة من رفيف أحلامه . ما أن ينتهي كل شيء ، يضعان يداً بيد ، كما يفعل الفتيان ، ويمضيان إلى نزهاتهما المسائية . وترى ( وحيد ) وهو يمسح على شاربه الحلو ، الذي يشبه ذنب العقرب ، وهو يشرع يحدّث ( الكيري ) بما قرأ من عجائب الأخبار في الصحف والمجلات ..
كان ( كيري مداس ) بالنسبة له بمثابة القميص على بدنه .
اعتاد ( وحيد ) ، في أوقات استراحته ، ونزهاته ، أن يرتدي البنطلون والقميص . وكان نادراً ما يضع السترة فوق بدنه . السترة يتضايق منها كثيراً ، ويدّعي أنّها تخلق له إحساساً بالاختناق ، ولا يرغمه شيء على ارتدائها سوى البرد الأزرق القارس ، أو المساءات المثلجة التي لا يوسعه المزاح معها .
إنّ أجمل ما في صداقتهما أنّ ( كيري مداس ) كان عاشقاً حميماً لجمال الطبيعة هو الآخر ! . كانا يلوحان معاً ، رجلين خزفيين ، خُلقا من الطين الأخضر لأحد مستنقعات البساتين ، وأورث ذلك في روحيهما حبّاً ملهماً للبساطة ، والجمال .
ما أبعدهما عن التكلّف . كانا على سجيتهما ولم يعمدا إلى التصنّع في أي وقت من حياتهما . تأصّلت البساطة في أعماقهما ، حتى خلقت لهما السعادة ، وراحة البال ، كما منحتهما جمال الخيال .. هذه البساطة هي التي كانت تقودهما إلى المزيد من الجمال والمتعة ، بل كانت هي الجمال الحقيقي الذي طبع حضورهما في كل وقت من الأوقات .
في كل فصول السنة ومواسمها ، كانت النزهات الطويلة ، والفسحات ، تقود بهما إلى الأمكنة الخضر ، ومنابع المياه . ما من بستان يحيط بالمدينة ، وما من حقل مزروع إلّا وكانا قد زاراه واستمتعا بجماله مليّاً .
كان لا يعيقهما عن النزهة حرّ ولا برد ، فالذهاب إلى هنالك أشبه بالسفر في أعماق أحلامهما اللذيذة .
لم يحفل أي من أصدقاءهما بهذه النزهات ، ولم يشاركونهما فيها ألّا لماماً . وكانوا يقولون عنهما أنّهما مصابان بهوس الطبيعة . طالما سألهما الأصحاب ، أثناء جلوسهما في المقهى : لماذا لا تجلسان وتستكينان ، ألا تملّان التسكع والجولان ؟ ..
« وأنتم ألا تملّون الجلوس الطويل هذا ، والثرثرة المتعبة ؟ إنّ ألف باسور سينبت لي إذا قعدت كل هذا الوقت مثلكم » .
اعتادا أن ينسلّان لوحدهما إلى الضواحي ، وقد تحرّك في صدريهما نداء الطبيعة ، فيكتريان زورقاً من تلك الزوارق الصغيرة ، التي كانت تجوب النهر صاعدة ونازلة فيه طوال الأوقات .
يشق الزورق مياه النهر برفقة طيور الغاق ، التي كانت تحوم على طول مجرى النهر ، وهي تجرح بأصواتها المرهفة صمت الضفتين .
في غاية المرح والابتهاج ، كانا يجلسان في الزورق ، بوجهيهما الحالمين ، وهما يسعيان إلى مرابع السحر والجمال . وكان أصحابهما يمعنون في المزاح معهما ، إذا صادف مرورهم عند جانب النهر . فكانوا يحذفون الأحجار في مياه النهر ، ليطش الماء إلى وجهي ( وحيد ) و ( الكيري ) ويصيب ثيابهما طشاش الماء ، وكان ذلك وحده كفيلاً بثوران ( الكيري ) ، الذي يأخذ بصب لعناته عليهم جميعاً ، بين ضحكهم وصراخهم .
عند المساء يؤوبان من فسحتهما منتشيان ، وقد علقت بعيونهما سعادة دافئة ، وامتلأت أحضانهما بالأزاهير البريّة البهيجة ؛ وهما يتحدّثان عن طيور خضر ، وصفر ، وحمر ، رؤوها تغني بجذل في تلك الحقول ! .
في أيام الربيع ، كثيراً ما كانوا يعودون من نزهاتهما محملين بطلع النخيل ، ليحفظانه في جرار الماء ، ويمنحان ماء الشرب طعماً ناقعاً ، وسائغاً ، لا مثيل له .
ولكن يحدث أحياناً ، بفعل انشغالهما ، أن تكون نزهتهما في وقت متأخر يتوافق مع أوقات الغروب ، ونزول الظلام . فتمسي هذه النزهة أشبه بتوغل طفلين عبر الدروب ، نحو النجوم والقمر ، وهما يضعان يداً بيد ، وعلى هذا النحو كان منظرهما يثير في الأعماق دفقاً شاعرياً لا يُنسى .
كان كل منهما يمتلك شيئين جميلين ، وثمينين ، الأول أحاسيسه ومشاعره المتوهجة ، والثاني امتلاكه لصديق عذب ، ورقيق كمنقوع الطلع بالماء .
֍ ֍ ֍
ازداد الشتاء عنفواناً ، وهو يقترب من الشهر الأول للسنة .، وفضلاً عن ذلك تشبّع الهواء بالندى ، واصطبغ الأصيل بملامح كئيبة ، قارسة . كانت النسائم المنهلّة من جهة الشمال واخزة وكالحة ،
في ذلك الوقت كان ( وحيد ) وصديقه ( كيري مداس ) يمضيان بعض الوقت في مقهى ( علّاوي ) ، وهما يتبادلان الحديث مع الأصحاب .
وحينما سمع ( الكيري ) صديقه يسأله :
« ما رأيك أن نكتري زورقاً ؟ » .
حتى سارع ليجيبه :
« حبذا » .
وانطلقا معاً ، وقد تضرّج وجهاهما بحمرة الشفق .
مضى كلاهما صوب شاطئ النهر . كان حذاء ( وحيد ) الكتّاني ، يصدر حفيفاً ناعماً ، بينما راح النعال ( الشطراوي ) ، الجاسي ، يخفق في قدمي ( الكيري ) بصوت خشن ، وهو يطرق الدرب على عجلة .
جلس ( وحيد ) فوق عارضة من عوارض الزورق ، وهو منتشياً ، كان قد انتشا ذلك اليوم في وقت مبكّر . وبانت الحمرة على وجنتيه ، وفي طرفي عينيه . ولكنّ نسائم البرد أخذت تلسع جسده . والغروب يلقي بظلاله المرطّبة بالندى .
دلفا معاً إلى بستان ( سيد مجيد ) في ضاحية المدينة الجنوبية ، وكان بستاناً ظليلاً آنذاك .
ومثل طائرين كبيرين جلسا في عتمة الظلال لوحدهما ، وجلسا يتأملان هذا الغروب الجميل بين ظلال الشجر .
أحسّ ( وحيد ) ببرود الهواء اللاسعة ، وإزاء هذا البرد لاح قميصه أشبه بخرقة مهلهلة لا تمنع ، ولا تصدّ شيئاً .
حينما نهض من جلسته الطويلة أحسّ بتصلب عظام جسده ، وخدر أطرافه ، فقال مخاطباً
( الكيري ) :
« لا أقوى على الحركة ، البرد أيبس عظامي ، وشلّني » .
« ألف مرّة طلبت منك أن ترتدي سترة ، ولكنّك لا ترعوي » .
« لم يخطر لي أنّها ستكون باردة إلى هذا الحد » .
« سأخلع لك سترتي لتحتمي بها » .
«كلا ، دعْ عنك هذه الفكرة ، سترتك صغيرة بالنسبة لجسدي ، وجسدك لا يحتمل مثل هذا البرد القاسي » .
وحقيقة كان جسد ( الكيري ) يلوح كجسد طفل حيال قامة ( وحيد ) . كان ذلك الجسد مختبئاً في عباءته عن البرد .
نهض ( وحيد ) من موضع جلوسه مرتعداً ، ومشى وئيداً في غمار الهواء البارد . الذي أخذ يعض بدنه لحظة ، لحظة ، وهو يقول :
« لو كنت أعلم أنّها ستكون باردة إلى هذا الحد ، ما كنت أتيت » .
عندما تلفّت في أرجاء البستان وقعت عيناه بغتة على فزّاعة طيور ، تنتصب بهيئة رجل ، فاستغرب أن تكون هنالك فزّاعة بمثل هذا الحجم . لذلك دنا منها وأخذ يتفحصها مليّاً . كانت الفزّاعة بطول قامة ( وحيد ) تقريباً ، جعلوا لها رأساً من الخرق البالية ، وقد خيطت لها معالم وجه آدمي واضحة ، تجلب الانتباه ، بفم كبير ، مفتوح ؛ منحت الفزّاعة في نهاية المطاف هيئة ضاحكة . وكان من أكثر الأمور اتساقاً وظرفاً ، أن تنتصب هذه الفزّاعة المرحة ، بين أشجار وطيور هي أكثر مرحاً منها ! .
كانت الفزّاعة ترتدي ثوباً طويلاً عفا عليه الزمن ، والأغرب من ذلك أنّها كانت ترتدي سترة بُنية اللون ، تعلوها التربان .
ما أن تأمّلها ( وحيد ) حتى صاح بجذل :
« وجدّتها ! » .
« ما الذي وجدّته يا وحيد ؟ » .
« السترة التي أبحث عنها » .
وأطلق ( الكيري ) ضحكة صارخة ، وقال :
« رزقك أشبه برزق القطط يا وحيد » .
تقدّم على عجل من الفزّاعة ، وجرّدها من السترة . فتكشّفت من تحتها أعواد خشبية يابسة . تفاجأ ( وحيد ) إذ وجد أن الثوب الطويل الذي ترتديه الفزّاعة ، يغطيها إلى وسطها فقط ، أشبه بالتنورة الطويلة ، بينما غطّت السترة الجزء العلوي منها . وارتفعت خشبة ناتئة عبر ياقة السترة تحمل في أعلاها كرة من الخرق ، رُبطت جيداً ، على شكل وجه ، ومن خلفها ترفرف خرقة ، مرسلة في الهواء ، على صورة كوفية ، راحت تتمايل مع نسيم الهواء ! .
عندما خلع ( وحيد ) السترة عن الفزّاعة ، وبانت أعوادها عارية ، غالبه إحساس مخمور آنئذ بأنّه يقف إزاء فتى نحيل جداً ، تركه عارياً ، ونهباً لسياط البرد التي لا ترحم .
نفض التراب عن السترة ، وهو يرجّها في الهواء بشدّة ، ومن غير تردّد سارع إلى ارتدائها . لاءمت السترة جسده ، نوعاً ما . وقال له ( الكيري ) :
« يا لك من رجل محظوظ ، أنظر كيف بعثت لك السماء معونة الشتاء » .
على هذا النحو ، لم يعد ( وحيد ) يعاني من نفحات البرد .
ما لبثا أن غادرا البستان ، عائدان إلى المدينة ، وقد راح الظلام يحلّ سريعاً في الأرجاء . كان ( وحيد ) يسير وهو يحسّ بأنّ الفزّاعة أسدت إليه جميلاً لا يُنسى .
ذهبا إلى سوق المدينة في أعقاب نزهتهما ، بينما السترة لم تزل تغطّي بدنه ، على الرغم من منظرها المزري .
على الفور دلفا إلى مخزن في صدر السوق ، كان يعرض أفخر الملابس الشتائية الأجنبية . شرع ( وحيد ) يعاين السترات المعروضة واحدة ، واحدة ، حتى صحا عزمه على ابتياع إحداهنّ ، وكانت سترة ممتازة حقّاً . رفع السترة شاخصة أمام الأبصار ، وقال مخاطباً صاحب المخزن :
« بكم هذه السترة ؟ » .
« بدينار ونصف الدينار » .
« ولي أنا ، بكم تبيعها ؟ » .
« بدينار وربع الدينار يا وحيد » .
في الحال ابتاع السترة ، وسارا معاً إلى منزليهما ، وكان ( الكيري ) يسير خلفه ، وهو يغمغم في غضب ، طوال الطريق ، وما فتيء يعيد القول :
« سترة بدينار وربع الدينار يا وحيد ، ما هذا الإجرام ؟ » .
« ولكنّها أشبه ببطانية صوف إنكليزية ، انظر إليها جيداً » .
في اليوم التالي ، انقلب ( وحيد ) على عقبيه عائداً إلى البستان ثانية . وقد لحق به ( كيري مداس ) في الحال . كان ( وحيد ) يحمل معه صرّة ، وحالما توغّل في البستان قصد موضع الفزّاعة مباشرة . فتح صرّته وأخرج منها السترة البنية ، وقميصاً جيداً من قمصانه . وشرع يكسو بهما الفزّاعة . ألبسها القميص بلطف ، ثم وضع السترة فوقها وأحكم أزرارها .
وحين أكمل كسوتها ، أحسّ بارتعاشة الفخر تهزّ بدنه . كان القميص الذي كسا به الفزّاعة يضوع بعطر ( الريفدور ) الفرنسي . نظر إليها بسعادة ، وانتشت مشاعره في ذلك الأصيل ، حتى تشبّع البستان بتلك المشاعر . وفي فيض هذه النشوة أحسّ ( وحيد ) بأنّه نبتة نضرة من نبات البستان ، التي تذبّ الفزّاعة عنها . وحينما ارتفع بصره فوق الفزّاعة مباشرة ، رأى السماء بلون ناصع ، برّاق ، يشبه غلاف العدد الأخير من مجلة ( الموعد ) .
كان ( الكيري ) يقف جانباً ، وهو يعلم بعمق الأحاسيس التي تعتمل في أعماق صاحبه .
« ما الذي حدا بك لتجلب قميصاً من قمصانك ، وتكسو به الفزّاعة ؟ » .
« أخشى أن يستعير شخص ما السترة منها ، كما فعلت أنا ، آنئذ سوف يكون القميص كافياً لستر جسدها » .
أجاب ( وحيد ) بصوت حالم ، وكان صوته أخضر نديّاً .
حينما غادرا ، رفض عطر ( الريفدور ) أن يغادر ، ظلّ عالقاً بأعواد الفزّاعة ! .