أوسامو دازاي : ” لا تيأس وترحل من هنا “

 

أوسامو دازاي : ” لا تيأس وترحل من هنا ”

محمود يعقوب

« عشتُ حياةً مليئةً بالخزي ..                                                                                                                                                          الحياة الإنسانية في نظري بلا أي هدف … »[١ ]                                                                                                                                 هذه كلمات رجل لا يعرف ماذا يريد ؛ أحدث سقوطه دويّاً صاخباً في رحبة الأدب الياباني الحديث ، ليظلّ صداها يقرع آذان عشّاق الأدب في كل زمان . ذلك هو ( شوجي تسو شيما ) الذي عُرِفَ واشتهر باسم ( أوسامو دازاي ) الذي سطع اسمه في الصفحات الأولى من أدب القرن العشرين ، وبات واحداً من عظماء الأدب ، واحتل موقعاً لا يقل أهمية عن حظوة ياسوناري كواباتا ، ويوكيو ميشيما . نجح في أن يكون أحّد كتّاب اليابان في فجر القرن العشرين ، وكان له تأثيراً كبيراً على الأدب الياباني ، على الرغم من قصر أمد حياته  ( ١٩٠٩ ـ ١٩٤٨ ) . وقد تأثّر به عدد كبير من أدباء اليابان ، بما في ذلك الياباني المعاصر هاروكي موراكامي .

   وعلى الرغم من أن شهرة أوسامو دازاي نبعت من مرارة حياته الشخصية ، وتناقضاتها المحيّرة أكثر ممّا نبعت عن موهبته الأدبية ، إلّا أنه يظلّ كاتباً رصيناً ، وأديباً كبيراً من ذلك الجيل الصعب الذي شقّ طريقه الإبداعي بصعوبة ، في مجتمع صارم ، وعر . استطاع أن يرتقي وينتج أدباً عظيماً ، عبّر فيه عن حقيقة المعاناة والفقر والإدمان ، وما إلى ذلك من الظواهر المؤلمة التي أفرزها الفراغ الذي كان يتخبّط فيه الشعب الياباني .

   وممّا يؤسف له ، أن هذا الكاتب اللامع بقي غائباً عن أذهان القرّاء في الوطن العربي وقتاً طويلاً ، حتى تمّت ترجمة بضعة أعمال قصصية وروائية له ، في وقت قريب . ومع ذلك لم تستطع هذه الترجمات أن توفي الإلمام الشافي بأدب الكاتب وأرثه الغزير .

   وقبل أن نستغرق في الحديث عن حياة دازاي وأدبه ، أود التنويه إلى أن ( أوسامو دازاي ) سطع نجمه الأدبي في الفترة الزمنية التي تُعرف في اليابان باسم فترة أو عهد شووا ( شووا جيداي ) ، وتعني حرفياً ” فترة السلام المنير ” . وهي فترة في التاريخ الياباني الحديث ، رافقت حكم الإمبراطور ( هيرو هيتو ) من ٢٥ ديسمبر ١٩٢٦ حتّى ٧ يناير ١٩٨٩ . وكانت الفترة الأطول بين فترات جميع أباطرة اليابان ؛ حيث جرت في هذه الفترة الكثير من الأحداث العظيمة ، فتحوّلت اليابان إلى الشمولية ( سيطرة الدولة على كل مفاصل الحياة ) بعد انهيار الرأسمالية ، وتحت تأثير الشيوعية ، وتعمّق النزعة القومية . وفي عام ١٩٣٧ نشبت الحرب الصينية ـ اليابانية الثانية . وفي عام ١٩٤١ شنّت اليابان هجوماً كاسحاً على ميناء بيرل هاربر الأمريكي ، وبهذا دخلت الحرب العالمية الثانية .[٢]

   ما تمّت كتابته من تفاصيل حول حياة الأديب ( أوسامو دازاي ) كان أغزر بكثير ممّا كُتِبَ من دراسات في أدبه البحت . وفي أغلب هذه الكتابات تمعن الأقلام غريزياً في ذكر كل شاردة وواردة من تلك الحياة المضطربة . وفي سطور هذه المقالة المتواضعة ، يحدو بي الأمل إلى تسليط الأضواء على عطائه الأدبي بالدرجة الأساس ، من دون التفريط في ذكر ملامح حياته .

                                               ◘ ◘ ◘

   وُلِدَ أسامو دازاي في ١٩ يونيو ١٩٠٩ في قرية كانيكي ، في محافظة أوموري ، شمال شرق اليابان ، لعائلة أرستقراطية ، نبيلة ، متنفّذة . كان والده ( تسو شيما هارا إيمون ) عضواً في مجلس النوّاب ، وعضواً في مجلس اللوردات أيضاً ؛ وكان يدير البنوك والسكك الحديدية في نفس الوقت . بينما كانت والدته ، آنئذٍ ، ضعيفة ومريضة ، فنشأ في رعاية عمّته ، ومربيته عندما كان صغيراً ؛ وهو أمر خلّف بالغ الأهمية والأثر في حياة دازاي المهنية .                                                                                                                                               وكان دازاي الصبي السادس لأسرة تسوشيما ، وله خمسة أشقاء ، وأربع شقيقات .                                                                              نشأ دازاي طفلاً حسّاساً في منزل مريح . ساهم وعيه الذاتي بخلفيته المزدهرة في إحساسه بالعزلة .

   في عام ١٩١٦ ذهب إلى مدرسة جينمو الابتدائية ، وتدرّج فيها بدرجات متميّزة . وفي عام ١٩٢١ تخرّج منها ليلتحق بمدرسة ميجي الثانوية . وفي عام ١٩٢٣ ، توفي والده عن عمر يناهز الثلاثة والخمسين عاماً . ثم التحق في مدرسة أوموري الإعدادية .                                           كان دازاي يأمل أن يصبح كاتباً منذ أيام دراسته .                                   

   بعد دخوله المدرسة الإعدادية ، نما حماسه الأدبي للإبداع ونجح بكتابة ونشر قصة قصيرة   « the last taiko » ، كما شارك في تحرير مجلة للأدب والفن في المدرسة مع مجموعة من أصدقائه . ومنذ ذلك الحين نشر تباعاً الكثير من القصص القصيرة والمقالات ، وكان مفتوناً جداً بأدب ( إيسومي كيوكا ) و ( آتوغاوا ريونيسكي ) .

   في تموز من عام ١٩٢٧ ، انتحر الكاتب المعروف ( آكوتاغاوا ريونيسكي ) ، كاتبه المفضّل الأول ، وقد روًع هذا الحدث دازاي وانعكس على مشاعره وسلوكه انعكاسا عميقاً ، حيث أهمل دراسته ، وراح يقتحم البارات ، والخمّارات ، ويرافق النساء .وفي خريف هذه السنة التقى بالغايشا المبتدئة ( أوياما هاتسويو ) وارتبط معها بقصة حب ، وتزوجها فيما بعد . 

   كما أظهر ميولاً ماركسية خلال المد الماركسي في اليابان ، وانحاز إلى الأدب البروليتاري الذي كان ينشط في البلاد حينئذ ٍ ، الذي كتب فيه الكثير من أدباء اليابان المعروفين « وقد كتب دازاي قصة بعنوان ـ جيل من مالكي الأراضي ـ وهي مرافعة حقيقية ضد المعاملة الشنيعة التي كان يُعامل بها العمال الزراعيون من قبل العائلات الغنية كعائلته »[٣] . وفي مايو عام ١٩٢٨ ، تمّ تأسيس مجلة أدبية حرّرها بنفسه ، ونشر فيها قصة « لا تنسَ » باسم مستعار هو ( زونغ أوف يانداو ) ، وهي من قصص أدب الفكر الماركسي .

   في عام ١٩٢٩ ، نشر باسم مستعار « kosuga Ginji » مقالات في المجلة الأدبيــــــــــة    « Hunter » . وفي ١٠ كانون الأول من هذه السنة ، حاول الانتحار بابتلاع كمية كبيرة من الحبوب المنوّمة . أمضى عطلته الشتوية برفقة أمه في حمّامات المياه المعدنية لغرض شفائه . وإبان ذلك العام تم طرد رفاقه أعضاء صحيفته المدرسية الأدبية من المدرسة ، بسبب أفكارهم الماركسية .

   في عام ١٩٣٠ ، التحق بالقسم الفرنسي ، في جامعة طوكيو الإمبراطورية ، وعاش في توتسوكا توكيواكان ، وتعرّف على الكاتب ( إيبوسي ماسوجي ) ، الذي لم يكن كاتباً مشهوراً آنذاك . وقد أحبّه دازاي كثيراً . وبات إيبوسي معلمه ، وصديقه ، ودليله ، وكاتم أسراره ، والداعم له طوال حياته . وقد تقرّب من الحركة الشيوعية وساهم في نشاطاتها التي كانت محظورة في اليابان قانونياً . وفي شهر حزيران من هذا العام ، توفى أخوه ( كيجي ) بمرض السل ، ولم يعد يتابع دروسه إلّا بشكل منقطع . وفي شهر تشرين الأول هربت صديقته الغايشا ( أوياما هاتسويو ) من منزل الغايشات ، حيث كانت تعيش في محافظة ( آموري ) والتحقت بدازاي في طوكيو ، فما كان من إدارة المنزل إلّا الذهاب إلى أخيه الأكبر ( بونجي ) وإخباره بحقيقة الأمر ، فأسرع هذا الأخير إلى طوكيو لمقابلة أخاه ، وبالتالي سمح له بالزواج شريطة أن يقطع علاقته بالعائلة تماماً . وهكذا انعتق آل ( تسوشيما ) من كل مسؤولية مادية نحوه .     « وفي ١٩ تشرين الثاني ، طُرِدَ دازاي من العائلة علناً وبشكل رسمي »[٤] . ولكنه بعد تسعة أيام من هذا الأمر أقدم على محاولة انتحار ثانية ، برفقة امرأة شابة ومتزوجة عمرها تسعة عشر عاماً ، وهي عاملة بار كان قد التقى بها قبل وقت قصير . وكانت الفتاة قد لقيت حتفها بينما نجا دازاي من الموت ؛ الأمر الذي دفع الشرطة إلى اعتقاله بتهمة التحريض على الانتحار ، ولكن تدخّل أسرته أوقف الشرطة عن ملاحقته ، فعاد ليتزوّج من صديقته الغايشا ( هاتسويو ) . وشكّل هذا الحادث شعوراً بالخطيئة في أعماقه ! .

   وفي كانون الثاني من عام ١٩٣١ ، « اتفق مع أخيه الأكبر ( بونجي ) وقّع معه عقداً يتقاضى بموجبه ١٢٠ ينّاً شهرياً خلال السنتين التاليتين ، شريطة ألّا يترك المدرسة ، ألّا يوقفه البوليس ، ألّا يبذّر النقود ، أن يوقف كل علاقة مع الحركات الاشتراكية ، أن يتجنّب التصرفات الفضائحية . وفي شهر شباط لحقت به ( هاتسويو ) إلى طوكيو . لكن دازاي ، على الرغم من وعوده لأخيه ، تابع اتصالاته بالحزب الشيوعي ، وقدّم ما لديه من نقود ، وجعل بيته مكتب اتصال للحزب . لفم يعد يكتب كما في السابق ، وإن كان ينظم بعض قصائد الهايكو من حين لآخر . وفي نهاية تشرين الأول ، قضى ليلة في السجن ليُسأل عن نشاطاته السياسية . وبعد هذا التوقيف الجديد ، أخذ مسافة من الحزب ، وتوقّف عن المساهمة المالية ، قصة القطار »[٥] .

   في مستهل شهر حزيران ١٩٣٢ ، قطع أخوه الكبير الإعانات المالية عنه ، بعد أن تناهى لعلمه خبر توقيفه من قبل الشرطة . كما اكتشف دازاي بدوره أن ( هاتسويو ) لم تكن امرأة نقية الذيل ، فخاب ظنّه بها . واتصل أخوه به مرّة أخرى لتسوية الأمور المالية ، شريطة أن يعود إلى جادّة الصواب .

   في شهر مارس من عام ١٩٣٣ ، نشر قصته القصيرة ( القطار ) باسم أدبي مستعار جديد هو ( أوسامو دازاي ) ؛ ومنذ ذلك الحين صار لا يعرف بغير هذا الاسم . كما شارك في ذلك الحين مع عدد من الأصدقاء في تأسيس مجلة أدبية نشر فيها قصته ( ملابس السمك ) في العدد الأول منها ، وفي هذه السنة نشر مجموعة من القصص الأولى ( السنوات الأخيرة ) . وخلال هذا العام ، والعام الذي أعقبه ، كتب دازاي ونشر العديد من القصص ، مثل ( أمنية تتحقّق ) .

   في فبراير ١٩٣٥ ، نشر قصة ( رجعي ) . وعندما أخفق في الحصول على عمل في وكالة أنباء طوكيو متروبوليتان حاول شنق نفسه على جبل كاماكورا ، ولكن الحبل كان ضعيفاً فنجا من الموت . وترك الكلية الإمبراطورية في هذه السنة . كما نشر قصة ( زهرة طاوية ) . وساءت صحته وبات يعاني من التهاب الزائدة الدودية ، والتهاب الصفاق ، ولم يتعافَ جسده حتى حلول فصل الصيف . ثم انتقل إلى مدينة فوناباشي في محافظة تشيبا ، وقد أدمن المخدرات ، وهناك تسمّم بها …                                                                                وفي شهر تموز من هذه السنة ، تمّ ترشيح قصته ( ضد التيّار ) وقصته ( زهرة المهرّج ) إلى جائزة آكوتاغاوا الأدبية . وكان دازاي بأمسّ الحاجة إلى هذه الجائزة ، لما تضفيه عليه من اعتراف وامتياز مهمين ، تمنحهما الجائزة لمن يفوز بها ؛ ولكن دازاي لم يفز بالجائزة ! .  

   في شهر أيلول من هذه السنة ، نشر الروائي الياباني الكبير ياسوناري كواباتا ، وكان عضواً آخر من أعضاء لجنة جائزة آكوتاغاوا ، تقريراً قال فيه « على الصعيد الشخصي ، أعتقد أن غيوم الفضائح المعلّقة فوق حياة دازاي الخاصّة تضر بعبقريته » . فغضب دازاي جراء ذلك أيّما غضب ، ونشر في الشهر التالي رسالة مفتوحة عنوانها « إلى ياسوناري كواباتا » ، جاء فيها : « إلى ياسوناري كاواباتا : لقد كتبت فيّ سباباً في عدد سبتمبر من محلة ( بونغيه شونجو ) ، وكان كما يلي : ( بعد التحية .. مفهوم ، لقد جمّع المؤلف في ( زهرة المهرّج ) العديد من نظرته للحياة والأدب ، ولكن وفقاً لرأيي ، فما يحيطه في حياته الشخصية حالياً من سحب كريهة جعله للأسف غير قادر على التعبير عن مواهبه بتلقائية ) . ليمتنع كل منّا عن الكذب المفضوح . لقد قرأت كلامك هذا في إحدى مكتبات بيع الكتب ، فأصابني باستياء مريع .. وفي الواقع لقد استشطت غضباً . ولم أذق طعم النوم لليال عدّة .. سأطعنه ! فكّرت جديّاً في طعنك بخنجر أو ما شابه . وفكّرت أنك مجرم أثيم !. ولكن فجأة أحسست في أعمق أعماقك بمشاعر حب قوية وملتهبة تجاهي ولكنك تسوقها بتلك الطريقة البالية »[٦] .

   في حزيران ١٩٣٦ ، نشر رواية ( السنوات الأخيرة ) ، وفي شهر آب علم دازاي أنها مرشّحة لجائزة آكوتاغاوا ، وكان الأوفر حضّاً بالفوز بها ، ولكنه أدرك فيما بعد أنه لا يحقّ له الترشّح لنيل الجائزة لأنه سبق أن رًشّحَ لها . وهذا ما خيّب ظنّه وأحبطه تماماً . وعلى الرغم من فشله في غنم هذه الجائزة إلّا أن صيته الأدبي قد انتشر ، وباتت له شهرة ، وسمعة أدبية في أوساط اليابانيين . وعلى صعيد آخر ، أدمن دازاي تناول المخدرات بشدّة ، وقد ساءت حالته النفسية كثيراً ، وأدخل إلى أحد المشافي . وفي هذه الأثناء خانته زوجته هاتسويو مع أحد أصدقائه كوداتي ـ زينشيرو . وبعد خروجه من المشفى وعودته إلى طوكيو ، زاره أخوه الكبير ( بونجي ) وأغدق عليه المال . وفي شهر آذار ١٩٣٧ ، في مدينة طوكيو ، اعترف له صديقه كوداتي ـ زينشيرو بعلاقته الجنسية مع زوجته . وفي منتصف شهر آذار حاول دازاي وزوجته هاتسويو الانتحار من جديد بتناول حبوب الكالموتين ، ولكنهما لم يموتا ، ثم افترقا فراقاً أبدياً بعد طلاقهما .

   في عام ١٩٣٨، كتب قصة ( بيت العم  ) إيذاناً بعودته إلى عالم الأدب ، وكتب قصته ( أمنية مستجابة ) لتكون نقطة انطلاق مرحلة أدبية لامعة . وفي السنة التالية تزوّج من فتاة تدعى  ميتشيكو إيشيهارا ، بعد أن سعى لذلك صديقه إيبوسي تروجي ، وانتقل إلى محافظة ياماناشي ، وعاش حياة عائلية وروحية مستقرة نسبياً . وفي هذه المرحلة أنجز الكثير من أعماله الأدبية ، مثل : ( مائة منظر لجبل فوجي ) ؛ وخلال فترة الحرب العالمية الثانية ، كتب دازاي العديد من القصص مثل : ( عن الحب والجمال ) ، ( الكلب ) ، ( طفلة جميلة ) ، ( ممنوع المزاح ) ، ومجموعة قصصية بعنوان ( الفتاة التلميذة ) ، و ( هاملت الجديد ) ، وغيرها ..

   في عام ١٩٤١ ، أعفي من الذهاب إلى ساحة الحرب بسبب فشله في الفحص الطبي . وعلى الرغم من غزارة أعماله الأدبية في هذه المرحلة ، فكثيراً ما تمّ حظر كتاباته ، وكان تحت مراقبة السلطات مباشرة . وفي هذه السنة ، أيضاً ، وُلِدَت ابنته البكر ( سونوكو ) في شهر حزيران ، وعاد إلى قريته كاناغي لزيارة أمه المريضة بعد غياب لسنوات طويلة .

   في عام ١٩٤٤ ، قرب نهاية الحرب العالمية الثانية ، امتثل دازاي لمتطلبات المجلس الأدبي الياباني ، وبدأ في كتابة ( وداع ) مع موضوع ( الصداقة اليابانية ، الصينية ) ، وخلال الغارات الجوية على العاصمة طوكيو لم يتوقف دازاي عن الكتابة ؛ وتعتبر ( بردية اليوغا ) التي نُشِرَت عام ١٩٤٥ أحد الأعمال المهمة .

   في كانون الثاني عام ١٩٤٦ ، التقى دازاي بإحدى المعجبات بأدبه ( أوتا شيزوكو ) ، وسرعان ما ارتبط بعلاقة غرامية معها . وكانت الفتاة قد درجت على كتابة مذكراتها ، وقد زارها دازاي في منزلها ، واستعار منها مذكراتها التي أوحت بواحدة من أعماله البارزة وهي رواية ( الشمس الغاربة ) . وفي ٣٠ آذار من هذه السنة ولدت له صديقته أوتا شيزوكو طفلة ، وهي البنت الثانية له وتدعى ساتوكو ، التي أصبحت فيما بعد كاتبة أدبية بارزة في اليابان ومعروفة باسم تسوشيما يوكو .

   وفي ٢٧ آذار عام ١٩٤٧ ، التقى مع امرأة أرملة تُدعى يامازاكي ـ تومي ، تعمل في صالون تجميل ، كانت قد فقدت زوجها في الحرب بعد عشرة أيام من زواجهما .                                                                                                                                                               استطاع دازاي أن ينتهي من رواية ( الشمس الغاربة ) في تموز ١٩٤٧ ، وكانت صحته قد تدهورت تدهوراً كبيراً ، في الوقت الذي انغمس فيه في الشراب . وخلال فصل الخريف كان دازاي قد اتخذ من شقة صديقته الجديدة مشغلاً له ومستقرّاً . وفي نهاية تشرين الثاني ، وضعت له هذه المرأة بنتاً . ونشر رواية ( الشمس الغاربة ) التي أضافت إلى شهرته بريقاً أكثر .

   في آذار من عام ١٩٤٨ ، نشر قصة ( نرجسية وسجائر ) ، التي تعتبر هجوماً حادّاً على شيكا ـ ناويا الذي كان يتربع على قمة المؤسسة الأدبية اليابانية . ثم نشر في أيار قصة بعنوان   ( كرزات ) ، وشرع في كتابة رواية ( ولم يعد رجلاً ) التي أراد لها أن تكون قمة إبداعه الأدبي. وفي ليلة الثالث عشرة من أيار ، رمى دازاي وصديقته تومي بنفسيهما في مياه قناة   تاما ـ غاوا ـ ليغرقا معاً !. ولم يتم العثور على جثتيهما حتّى يوم ١٩ حزيران ، والذي يصادف عيد ميلاد دازاي التاسع والثلاثين .

« لم يكن أوسامو دازاي ، بالمعايير العادية ، ما يسميه معظمنا بالرجل اللائق ، على حدّ تعبير أحد النقاد ، وهو الشاعر والناقد الأمريكي كينيث ريكسروث ( ١٩٠٥ ـ ١٩٨٢ ) ، كانت حياته غير منظّمة للغاية . وقد عبًر عنها هذا الناقد إذ قال بأن حياة دازاي لم تكن أقل من نصب تذكاري للفوضى ، وسلسلة من الجروح والكوارث التي ألحقها بنفسه ، والتي بلغت ذروتها في عمليات انتحاره المتكرّرة »[٧] .

   لم يستطع دازاي الوصول إلى إنسانيته ؛ أو على أي حال إلى شخصيته الأدبية ، إلًا من خلال إخفاقاته الشخصية . ومن هنا كان إدمانه هو السبب الذي دفعه إلى البحث عن أعماق أكبر من الانحلال . ومع ذلك كانت إخفاقاته الشخصية هذه هي مصدر إلهامه الأدبي .         كان يعد نفسه غير مؤهل لكونه بشرياً ، بعد أن شعر بالغربة منذ الطفولة ، وجعل يحاول إقامة علاقات حقيقية أفضت جميعها إلى الفشل ، لتنتهي حياته بالاستغراق في المخدرات والتهتك والمجون والانتحار . كانت تلك الحياة مليئة بالصعود والهبوط .. مليئة بالتحوّلات والمنعطفات .

◘ ◘ ◘

   يمكن القول أنه لا يوجد كاتب أصبح مركز اهتمام العالم بسبب حالات الانتحار المتكرّرة مثل أوسامو دازاي ، التي شغلت الإعلام الياباني كثيراً . يهتم الغالبية من الناس بحياة دازاي الخاصة أكثر من اهتمامهم بأدبه وإبداعه ، وهذا أمر محزن بحق بالنسبة لكاتب عبقري مثله .

   غالباً ما كانت مواضيع قصصه ورواياته مماثلة لسيرة حياته الشخصية ، كما هو الحال في  ( ثمانية مناظر لطوكيو ) ، و ( زهرة المهرّج ) ، أو القصص الطويلة مثل ( الليل ) ، و  ( الشمس الغاربة ) ، و ( لم يعد رجلاً ) .. و ما إلى ذلك ، فكلها أعمال تعكس صوراً لحياته الذاتية ، والمواضيع متداخلة تماماً . ومن السهولة أن يدرك القارئ المتابع لأعماله مآل شخصياته القصصية الرئيسية إلى درك التدهور والانحطاط . إنه يكتب ويرسم مصير الشخصيات بناءً على ظرف حياته ، فيختار وقت وسبب انتحار شخصياته بشكل متداخل مع تجربته الخاصة . وشخصياته من دون شك تعبّر عن « أزمة وجودية » مدمّرة . ويظهر أوسامو دازاي وهو عاجز وغير راغب في التصالح مع الواقع ، ورفضه التسوية مع هذا الواقع بفعل كبرياءه .

   تعبّر روايات دازاي ، في جملة ما تعبّر عنه ، عن جماليات الضعف ؛ ففي روايته الشهيرة   ( ولم يعد رجلاً ) يظهر أن الضعيف يخاف حتّى من السعادة ، ولا يفتقر إلى شجاعة القتال وحسب ، بل لا يواجه السعادة والحب أيضاً ، ولا يتحمّلهما « هل أنا قادر على حب أحد في العالم ؟ هذا سؤال طرحته على نفسي كثيراً »[٨] . إن هذه الميزة الغريبة ـ ميزة إسباغه للضعف على شخصياته ـ قد أثارت انتباه العديد ممن درسوا أدبه ، وبادروا لتفسير أسبابها .   « عُرِفَ دازاي باحترامه للضعف الذي يحظى به البشر.. من وجهة نظر دازاي الشخص الشرير هو رجل لا يفهم الضعف البشري ، وبالتالي لا يتعاطف معه . لقد رأى ذلك كوسيلة لإضفاء الطابع الإنساني على الشخصيات . وكان هذا الضعف البشري شيئاً يجب أن نفخر به ، وشيئاً يمكن للمرء أن يجد فيه الجمال ، على الرغم من أن الراوية قرّرت أنه من الأفضل عدم الانغماس في النقد الذاتي ، إلّا أنها مع ذلك تستمر في التأرجح بين كراهية الذات وحبها »[٩] .

   يشير الأدب « المارق » في اليابان بشكل أساسي إلى التعبير عن المجتمع الياباني المهزوم في فترة ما بعد الحرب العالمية ، والاحباط المزدوج للعالم الروحي والحسّي للناس المعاصرين بموقف استنكار للذات ، والابتعاد عن التيار السائد ، ومقاومة التنشئة الاجتماعية ، مع الانحطاط ؛ وهذا ما يفسّر عدم انسجام بطل روايته مع المجتمع .

   في الوسط الأدبي عموماً ، دار الكثير من الجدل حول أعمال أوسامو دازاي ؛ فهناك الكثير من المعجبين والعشّاق لأدبه ، والعديد من المنتقدين أيضاً . ومن بين منتقديه ، الأديب الياباني الشهير يوكيو ميشيما ، الروائي الأكثر جدّية . وقد أدى ذلك إلى خلاف بينهما ، تناولته العديد من وسائل الإعلام بالتفصيل . « أصبح دازاي أحد أشهر المؤلفين في اليابان خلال أواخر الأربعينيات ، مما أثار استياء المؤلف الشاب يوكيو ميشيما. ميشيما ، الذي اشتهر فيما بعد بأعماله ( اعترافات قناع ) ، و ( البحار الذي لفظه البحر ) ، احتقر رسم الكاريكاتير الذي يعبّر فيه دازاي احتقاره للطبقة العليا اليابانية ، وقد وصفه ميشيما بأنه “مثل الطموح الريفي لصبي جاء إلى طوكيو مع حقيبة التعبئة على ظهره ” . ماذا حدث عندما التقى هذان المؤلفان المهووسان في كانون الأول (ديسمبر) من عام 1946؟ عندما عرض عليه أسامو دازاي مشروب الساكي ، رفض ميشيما ووقف قائلاً ” سيد. دازاي ، أنا أكره أدبك “. وجاء في دفتر يومياته لتلك الليلة “أولاً ، أنا لا أحب وجهه. ثانياً ، أنا لا أحب تفضيله الريفي للتطور الحضري. ثالثاً ، لا أحب حقيقة أنه لعب أدواراً لم تكن مناسبة له “. لكن ما الذي أثار غضب ميشيما كثيراً بشأن دازاي ؟ أعتقد أنه كان اختلافاً في السياسة. كان ميشيما كاتبا عسكرياً للغاية ، وكان مثالياً لليابان الإقطاعية قبل الحرب. كان يؤمن بقوة الإمبراطور حتى وفاته. دازاي ، من ناحية أخرى ، لا يهتم كثيراً. حتى أنه سخر من تلك الحقبة في روايته The Setting Sun ، التي نُشرت مؤخراً في وقت ذلك الاجتماع »[٨] . ومع ذلك ، وبحسب رأي بعض الأكثر صلة في هذا الموضوع ، فإنك « سواء كنت تحب أوسامو دازاي أو تكرهه ، تؤكّده أو تنكره ، فإن أعماله تتمتّع دائماً بقوة سحرية لا تُصدّق ستظل لفترة طويلة في المستقبل . أوصاف دازاي ستضغط مباشرة في روح القارئ ، ممّا يجعل من المستحيل على الناس الهروب … هناك جزء جبان من قلوبنا ، يغزوها بصمت ولا يمكن تجنّبه ، ويطلق البعض عليه لقب الكاتب الياباني الأكثر موتاً » .

    كانت عيوبه الشخصية وكوارثه ذات صلة حميمة بفنّه الأدبي . وكانت قصصه ورواياته تتماشى مع هزائمه وانحطاطه ، حتّى ليشعر القارئ ، بعض الأحيان ، أنه عاش هكذا ، لغرض أن يتزوّد بموضوعات لفنّه ، سيّما وأنه أحياناً يبدو مستمتعاً بهذا الانحلال ، كما لو كان مخدّراً . « لم يستطع دازاي الوصول إلى إنسانيته ، أو على أي حال إلى شخصيته الأدبية ، إلّا من خلال إخفاقاته الشخصية ، ومن هنا كان إدمانه هو السبب الذي دفعه إلى البحث عن أعماق أكبر من الانحلال . ومع ذلك ، كانت إخفاقاته الشخصية هي انتصاره الفني »[١١] .

    لم يكن أوسامو دازاي الكاتب الأكثر شهرة في اليابان ، على الرغم من كونه من أهم الكتّاب في الأدب الياباني ؛ لكنه كان الكاتب الأكثر دموية . انتحر خمس مرّات ، مارس الانتحار كعمل جمالي تقريباً ، ومارسه حتى وصل إلى حالة الاكتمال . وفي مفارقة غريبة ، يمكننا القول أن بعض الناس يقولون إن إحياء ذكرى وفاته أفضل من إحياء ذكرى حياته ، لأن الموت بالنسبة له هو الهدف الأسمى في حياته .

   عانى بشدّة من غياب الرعاية الأمومية في صغره ، وانعكس هذا في بحثه وحاجته إلى رعاية المرأة في شبابه فكانت حياته رحلة قصيرة بين شتّى النساء « عليك أن تمسك يد امرأة وتذهب في رحلة الحياة الأخيرة » . كان يكرّر الانتحار برفقة النساء حتى انتهى ؛ وهذه الطريقة المزدوجة في الانتحار ، هي الطريقة المعروفة في اليابان باسم ( الجنشي : إتباع السيد حتى الموت ) .

   قال ياسوناري كواباتا : إن الموت هو أرقى الفنون . وحاول دازاي أن يجسّد هذه المقولة في أداء مميّز . في حياته انتحر مراراً وتكراراً . كانت المرّة الأولى عندما كان يبلغ من العمر عشرين عاماً ، عندما كان لا يزال طالباً في المدرسة الثانوية ، متأثّراً بانتحار كاتبه المفضّل آكوتاغاوا ريونيسكي ، حيث أراد أن ينهي حياته بنفس الطريقة التي أنهى بها آكوتاغاوا حياته . لكن دازاي لم يبتلع ما يكفي من الحبوب المنوّمة ، وفشل في تعقّب أثر كاتبه ؛ وهذا ما جعله يستمر في معاناته في هذا العالم . ثم أقدم على محاولة انتحار ثانية ، حينما تعرّض إلى السخرية في الكلية بسبب إهماله الأكاديمي . وحدث أن تعرّف على نادلة مقهى ، وعاشا معاً لمدّة ثلاثة أيام فقط ، ذهبا بعدها إلى الشاطئ وقفزا إلى الماء ، وتمّ إنقاذ دازاي بينما غرقت الفتاة . وقد حوكم بتهمة التحريض على الانتحار ، وبات يعاني من وخزة الضمير . أما انتحاره الثالث فكان بسبب فشله في الحصول على جائزة آكوتاغاوا الأدبية ، فقصد الجبل … وهناك شنق نفسه ، ولكن الحبل كان ضعيفاً . وفي المرّة الرابعة ، انتحر في منطقة جوشان ذات الينابيع الحارة مع إحدى صديقاته ، بتناول الحبوب المنوّمة ، ولكن كمية الحبوب تلك لم تكن كافية .                                                                                                                                                               ولم ينجح في الموت إلّا في المرّة الخامسة ، حينما قفز برفقة حبيبة أخرى إلى النهر ، وغرقا معاً وهما متشابكان .                               وقبره اليوم في معبد زيزين جي في ميتاكا ، طوكيو .                                                                                                                           « لا تيأس وترحل من هنا » . هذه آخر عبارة تركها دازاي للعالم . أهي تشجيع في الحياة أم وداع في الموت ؟ لم يفهم أحد بعد معناها الحقيقي .

◘ ◘ ◘

   على الرغم من أن أوسامو دازاي لم يعش سوى تسعة وثلاثين عاماً ، إلّا أن ما تركه من أدب كان له عميق الأثر في الثقافة اليابانية . وهو في الأساس كاتب قصص قصيرة ، ثم نحا إلى كتابة الروايات . جميع رواياته ، تقريباً ، هي سيرة ذاتية ، وتنتهي معظم الشخصيات إلى الانتحار ، على الرغم من أن اليابانيين نادراً ما يكون لديهم شعور بالذنب ، إلّا أن لديهم فقط إحساس بالخزي . وفي أعماله نجد مثل هذا الشعور راسخاً ، مثلما يلوم البطل نفسه في افتتاحية رواية ( ولم يعد رجلاً ) .                                                                                          « ومع أنه استخدم كمية هائلة من التقنيات ، والأساليب ، والأصوات المتعدّدة طوال مهنته ككاتب ، غير أن ثلث إنتاجه الأدبي الرائع يأخذ صيغة ما ندعوه ، بسبب انعدام تعبير آخر أفضل ” سيرة ذاتية متخيّلة ” . يعني قصصاً مروية بضمير المتكلم ، وتشبه في بنائها الحياة الخاصة . قد يدخل الخيال في قصص دازاي ، لكنها مأخوذة بالكامل من حياته الشخصية »[١٢] .

   من الثابت أنه كان يؤرخ لحياته من خلال كتاباته . « ربما كان نهجه في الأدب الياباني الحديث : حركة ( أنا ـ رواية ) ( I ­ Novel ) أو ( شيشو سيتسو ) ، وهي تعني الرواية من منظور الشخص الأول ، يحكي فيها الشخصية الرئيسية تجربته الذاتية أو مصيره ، وهي روايات خاصة تتم كتابتها اعتماداً على حياة الكاتب . وقد ظهرت هذه الحركة منذ عام ١٩١٠ ، وكانت لها جذور في أوائل فترة ميجي ( تسعينيات القرن التاسع عشر ) بفعل التأثير الغربي ، الداعم للسلوك الذاتي ، أو النزعة الذاتية في الفن والأدب »[١٣] .                                                                                                                                                      وهذا لا يعني بالضرورة أن كل ما يمليه الكاتب من صور أدبية هي حقيقة سبق أن حدثت في وقت ما . فالكاتب يلجأ إلى اختيار بعض ( الحقائق ) ويستخدمها بنوع من الحرية قد يلجأ معها إلى الخيال . وهذا يعني أن كاتب مثل هذه القصص والروايات قد يلجأ إلى سيرة ذاتية مفترضة ، أو مُتَخيّلة ؛ وبعبارة أخرى أن الكاتب قد يستخدم ذاكرة مُتَخيّلة . ويرى الباحث جمي ولدن كوكس « أن هناك أسباب عديدة تدفع ببعض الكتّاب إلى اللجوء إلى مثل هذه الطريقة يأتي في مقدمتها : أن الكاتب يضع الجمهور في اعتباره . بالإضافة إلى ذلك ، نظراً لأن معظم القصص التي يتم نشرها تُكتَب بقصد وجود جمهور من النخبة المثقّفة في الاعتبار ، فمن الطبيعي أن يضمّن الكاتب روايته أو قصته أشياء تنحرف عن الحقيقة . وما يجب أخذه في عين الاعتبار أيضاً ، هو أن معظم الأحداث التي تعتبر مهمة بما يكفي للكتابة عنها عادة ما تكون عاطفية للغاية ـ أي أن العاطفة التي يشعر بها المؤلف غالباً ـ والتي من المرجّح أن يعيد الكاتب النظر فيها مراراً وتكراراً أثناء كتابة القصة ، وهنا تبدو الذاكرة في موضع شك »[١٤] .                                                                                                                                   وبشكل عام ، يمكننا أنعود لنقول ثانية ، أن التجارب الشخصية التي مرّ بها دازاي في حياته ، كانت مصدر الهام لقصصه ورواياته .

المصادر : 

[١] : أسامو دازاي ، ولم يعد رجلاً ، ترجمة محمـد عضيمة ، دار التكوين ، دمشق ـ سوريا ، الطبعة الأولى ٢٠١٦ ، ص ٢٣ .                                                                                                         [٢] : عهد شووا ، ويكيبديا ، موسوعة إلكترونية حرّة .                                                                                                                                                                                                           [٣] : رواية ” ولم يعد رجلاً ” ، ص٧ .                                                                                                                                                                                                                                           [٤] : رواية ” ولم يعد رجلاً ” ، ص٩ .                                                                                                                                                                                                                                   [٥] : رواية ” ولم يعد رجلاً ” ، ص ٩ـ١٠ .                                                                                                                                                                                                                                      [٦] : أسامو دازاي ، إلى ياسوناري كواباتا ، ترجمة ميسرة عفيفي ، مدونة ميسرة عفيفي .                                                                                                                                                       Peter Selgin , An Extremely Disorganized Life : osama Dasais             : [٧]

No Longer Human , craftliterary.com .

[٨] : رواية ” ولم يعد رجلاً ” ، ص٨٨ .                                                                                                                                                                                                                                Jami Walden Cox , Daze’s Women : Dazai Osamu And His Female  : [٩]

Narratres , Portland state university , 2012 , p43 .

[ ١٠ ]       Sean McNei , Setting Sun: Notes On the Hatred Between Osamu Dazai and Yukio Mishima , 2020 , wordpress.com

: [ ١١ ]       Peter Selgin , An Extremely Disorganized Life :Osama Dazaiؙ s No

                   Longer Human , craftliterary.com                   

[١٢] : رواية ” ولم يعد رجلاً ” ، ص ٦ .                                                                                                                                                                                                                                Jami Walden Cox , Daze’s Women : Dazai Osamu And His Female  : [١٣]

Narratres , Portland state university , 2012 , p8 .

[١٤] : المصدر السابق ، ص٩ .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *