الشخصية في قصص محمود يعقوب .

الشخصية في قصص محمود يعقوب

 

أ.م.د أحمد احيال جهاد   ــــــــــ    سارة راضي بشارة

جامعة ذي قار/ كلية التربية للعلوم الإنسانية/ قسم اللغة العربية

 

الملخص
   تعد الشخصية القلب النابض والعنصر المحرك في البناء القصصي بشكل عام .. فهي التي
تعطي الحياة لبقية العناصر وتمنحها الديناميكية والحركة فبدونها تكاد تنعدم القيمة الاعتيادية
والمعنوية للعناصر الأخرى ..
وقد كان للشخصية حضور ارتكازي في قصص محمود يعقوب فجل قصصه هي قصص
شخصيات فمنها ينطلق الحدث وإليها ينتهي و قد درست في بحثي هذا ما يخص هذه
الشخصيات من ناحية البناء والظهور والتقديم كذلك أشرت إلى أكثر الأنماط تكراراً وسيطرة
هذا فضلاً عن الأهمية الإستراتيجية لبعض الشخصيات التي أطلقت عليها ) الشخصيات
الإيجابية والسلبية(
المقدمة
 
   تعد الشخصية مكوناً مهماً من المكونات الفنية للقصة ، وهي عنصر فعّال في تطوير
الحكي ، إذ تؤدي أدواراً عدة في بناء القصة وتكاملها والطريقة التي تتم فيها عرض
.) الأحداث) 1
وقد أشار الناقد الدكتور )عدنان خالد( إلى أن معظم النقاد المحدثين يعدّون الشخصية من
.) أبرز عناصر الفن القصصي بل تعد العنصر الأول فيه) 3( بوصفها تصنع الاحداث) 2
ولكي يؤدي الحدث في القصة أو الرواية فاعليته المؤثرة يجب أنتتبناه شخصية من
الشخصيات وإلا ظلّ الحدث بعيداً عن كونه حدثاً فنياً ، إلاّ إذا تفاعل مع الشخصية ،
. ) ومن ثم يصبح مقوماً من مقومات القصة أو الرواية) 4
ويتضح من المفاهيم السابقة الدور المهم الذي تضطلع به الشخصية في البناء القصصي
لأنهاتعد من الأركان الأساسية التي يتركز عليها السرد وليس بإمكانه التخلي عنها فهي من
) دعامات العمل القصصي) 5
فضلاً عن دورها فيبث الحوار واستقباله واصطناع المحاكاة ووصف المناظر وتضريم
) الصراع وتنشيطه على وفق سلوكها وأهوائها) 6
وتعمل الشخصية بشكل كبير على بث الروح والحياة والحركة في السرد سواء أكانت
شخصية يلفها الغموض أو شخصية يكسوها الوضوح ، فهي من ثمّ مصدر إشعاع وتألق
للقص .
وتقوم الشخصية في بعض الأحيان بتولي مهام الراوي نفسه أو المروي له) 7( متفاعلة مع
الزمان والمكان مانحة إياهما معنى جديداً مؤدية أدواراً لها لا يمكن لبقية العناصر الأخرى
القيام بها ، لذلك عد أحد الباحثين أن كل شخصية جديدة تعني قصة جديدة قائمة بحد
. ) ذاتها) 8
أنواع الشخصيات:
يحتاج النص القصصي إلى أنماط من الشخصيات ، تؤثر الحوادث في بعضها ، فيتغير وينمو
، ولا يؤثر في بعضها الآخر فيبقى على هيئته الأولى ، وهذا يدفع النقاد إلى أن يطلقوا
بعض الصفات التي تحدد مرتبة كل شخصية بها ، وأكثر الصفات تداولاً هي الرئيسية
والثانوية ، والايجابية والسلبية ، والسطحية والنامية ، فالشخصية القصصية تعرف من خلال
علاقتها بالشخصيات الأخرى ، فضلاً عن ذلك المضامين والمساند والمراجع التي تؤثر في
تكوينها ، وهي تكتشف في العالم القصصي على شكل أدوار محدودة العدد حتى تدرك
شكلاً معنوياً لتكون بنية فعلية واضحة المعالم على الرغم من كثرة الشخصيات التي تتحرك
.) في عالم القصة والرواية) 9
وقد ارتأينا بعد هذا التنميط للشخصيات في قصص )محمود يعقوب( على حسب اختلاف
أدوارها وطبيعة تفاعلها مع الحدث ، أن نقسمها على نوعين هما :
.1 الشخصيات السلبية:
.2 الشخصيات الإيجابية :
  • الشخصيات السلبية :
 
   وتعنيالشخصية القلقة غير المستقرة فضلاً عن ذلك فهي شخصية ،لا تنمو ولا تتطور
بإزاء أحداث القصة ، وتتسم بكونها هامشية ، لا تُغني إلا بما يطفو من زبد الأحداث ، ولا
) تتجسد أهميتها في سير الشخصيات وتطورها) 11
وهذه الشخصية عادة تكون ثابتة وتتسم بقدر كبير من السهولة واليسر ويغلب عليها طابع
الثبات والجمود ، فتبقى ثابتة على وضعها لا تحيد عنه من البداية حتى النهاية ، أما التغير
الذي يطرأ عليها يكون في علاقتها مع الشخصيات الأخ رى ولكن تصرفاتها تبقى ذات طابع
.) واحد) 11
فالقارئ يتعرف على سمات هذه الشخصية منذ البداية دون أن يبذل جهداً في معرفتها
ومتابعة تفاصيلها فهي تحمل قالباً خاصاً بها لا يحاول الكاتب التلاعب بها.
ويمكن القول أن أهم ما يميز هذا النوع من الشخصيات خلوها من عنصر المفاجأة كما هو
الحال بالنسبة للشخصيات الإيجابية ، وتتميز أيضاً بأنها أيسر تصويراً وأضعف فناً لأن
.) تفاعلها مع الأحداث قائم على أساس بسيط) 12
فهذا النوع من الشخصيات يمثل أولئك الذين يقفون جامدين ليتلقوا الأحداث كما تجيئهم
، ويخضعون لإرادة البيئة والتقاليد مهما تكن ظالمة خاطئة ، ولا تعدو عواطفهم وانفعالاتهم
.) أن تكون إحساسات داخلية مكبوتة لا تنطلق إلا من خلال الأحلام والتخييل) 13
ففي قصة )رشقة ماء( يتمثل هذا النوع من الشخصية ب )فلاح السّماك( الذي قال عنه الكتاب
)أنه خُلِقَ للماء والريح ( وليس سواهما وقد وصفه القاص واكتفى به )قانعاً( وكأنّ الوصف
يتطابق مع شخصية عبثت بها رياح الكهولة ،حتى تركته مستسلماً خاوياً .
كان وجهه النحيف في الهواء ، يقف ويداه مسترخيتان في جيوب سترته العسكرية القديمة ،
وكوفيته ملفوفة حول رأسه ومن وسطها يبرز وجهه المغضن ، الحنطي ، الصغير ،الذي يشبه
التين المجفف ، على وجهه كانت ثلاثة خطوط متوازية ، مائلة من الجانبين ، تنزل من
الصدغين إلى طرفي فمه ، كانت تظهره وكأنه مبتسم طوال الوقت ….. مبتسم حتى وهو
) راقد في صريفته) 14
يأتي هذا الوصف الدقيق ل )فلاح السماك ( أو )أبو زهرة( مطابقاً لشخصية وقعت في أسر
القنوط والرضا تحت تأثير محدودية الأفق وركام الجهل مع تقدم العمر وما بقي من مكابدة
الشكوى البليدة وكأنّ فرصة كان بانتظارها لم تسنح له ولازال يتذكر كلما راح يتأمل ساعده
الأبيض )اهيا زمن( وكأنّ ساعده الأبيض يمثل بياض صفحات حياته ، فعمد إلى الشكوى
شعوراً منه بالإحباط والخسارة الفادحة التي لم تعوض ، وكنّى نفسه )أبو تغريد( أملاً منه أن
الحياة ستغرد له يوماً ما، لكنها لم تستجيب ، ولهذا يتبين لنا أن شخص مثل )فلاح
السماك( الذي وشمآه.. يازمنعلى ذراعه قد تمكن منه شعور بالإحباط والاضطراب ،
شعور بالاستلاب بعد أن فقد آماله الشخصية المحدودة الآفاق .
وغالباً ما تلقي الشخصية السلبية الضوء على جوانب الشخصيات ، وتساعد على فهمها
. ) وذلك من تفاعلها واحتكاكها بها) 15
وفي قصة )أسطورة الجندي شيبوب( يعثر الكاتب على )شيبوب( في خضم أشد المحن
قسوة على الروح والجسد ، يعثر عليه بعد الهزيمة الجماعية للجيوش في ساحة الحرب في
الكويت ، وقد وقف الكاتب من هذه الشخصية موقفاً متأملاً ومتأنياً فيه وقد بدأ موقفه هذا
من خلال وصفه للمظهر الخارجي وصفاً لائقاً ومنفرداً.
سكونه المهيب ، وهيكل جسده الهندوسي ، وسحنته الغجرية ، ولامبالاته العجيبة ، قد
. ) استحوذ على قلوبنا ، فقد كان أيضاً طيباً وعفوياً) 16
ثم تبين لنا مدى ما يكنّه شيبوب من بغض لمهنته كرجل متطوع ولواقعه البغيّ ، ولكي يتجاهل
كل ما حوله وينساه يروح متحصناً في قوقعة صلدة وقد أنصرف وهويصوغ هزائمنا
وتعاستنا وأحلامنا قصصاً ، وكأن بهذه الوسيلة يدرأ عنه سراً خطراً محدّقاً به ، أو ألما يعلم
.) به مقدماً أنه الألم الذي لا طاق ة ل ه باحتمال ه) 17
يتضح لنا أن )شيبوب( في حقيقة أمره وهو يرفض الواقع رفضاً قاطعاً، ويدرك ما فيه من
أوجاع ومآسي متمثلة في العنف والدمار والموت ، فهو واعٍ لكل وسائل الدمار ، لكنه كسول
وعاجز ، يرفضه بطريقته الخاصة التي لا تثير الانتباه لكنه يبقى وحيداً يعاني من الألم فهو
ينصرف ليتحدث إلى أرواح الموتى ، لذا يبقى شيبوب رمزاً للرجل المأزوم المهزوم
المستسلم لمشيئته لا يقوى على تجنب آثارها أو الفرار منها ، وعندما يشعر بالإرهاق
ينصرف إلى النوم ، ففي النوم ملاذٌ أو نجاة وهكذا يعثر على راحته في النوم، فهو يبقى
مثالاً للرجل الواعي بهزيمته وأزمته وكأنها تسري في دماء جسده البارد لكنه يتخلص منها عن
طريق )التحدث والرقاد( .
وتلعب الشخصيات السلبية في النصوص السردية أدواراً مختلفة ، فلا يقتصر تواجدها على
الأدوار الثانوية كما يرى بعضهم) 18 ( بل نجدها تلعب دوراً رئيساً في بعض الأحيان .
وفي قصة ) وراء الجفون وأبعد ( تتمثل الشخصية السلبية بشخصية ضابط الأمن )جاسم
سديناوية( المعروف عنه بكتابة التقارير السرية حيث تتجسد معالم الشر والكراهية في صراع
الخير مع الشر في ذات واحدة.
إن حازم الطويل كان معروفاً في دوائر الأمن باسم آخر وهو )جاسم سديناوية( بهذا الاسم
الإيهامي فقط ظلّ يتعامل ، وعلى الرغم من أن أصحابه التحريين والسريين كانت لهم أسماء
متغيرة من أن لآخر إلا أنه بقي محتفظاً بهذا الاسم بكثير من الاعتزاز . كانت تقاريره تصل
إلى الأمن العامة في بغداد ، هناك كانت تثير الإعجاب أيضاً ، وقد خلع خطه البارع ،
) المتقن ، الجميل الذي اعتاد أن يخطه بيده الشمال ، رونقاً وبهاءً على هذه التقارير) 19
كان )جاسم سديناوية( يحب ذاته والعناية بأناة ، حتى أَصبح في نهاية المطاف مفوض أمن ،
وبدأ يكتب التقارير العدوانية ضد الآخرين وبطريقة حظيت بالتقدير والرضا من لدن مسؤولية
فهو الشخصية الأكثر عدوانية وشراً محمول على كف شيطان أينما حل ، وأقام ورحل ، فقد
وظف كل طاقته لخدمة جانب الشر دون أن يعبأ بما يسببه من إيذاء للآخرين من أبناء جلدته
، فهو شخص إيجابي في فعل الشر ، ونستطيع القول أن شخصية جاسم سديناوية هدّامة
ومنحرفة بالمعنى الأخلاقي والاجتماعي ، فهي تساهم في تحطيم القيم الخُلقية بسلوكها
الشاذ.
وتبدو الشخصية السلبية في أكثر القصص ، هي معاناة فعلية لتفكك تعيشه وتعبر عنه
بسلوكياتها ومنطقاتها ، وغالباً ما تتصف بالقلق ، والخوف ، والنسيان ، والضياع ، وافتقادها
.) اليقين في علاقاتها بما حولها ، فتنكفئ عن ذاتها أو تقوم بأفعال تشير إلى لا سويتها ) 21
أما في قصة )الخروج من سلجماسة( تتمثل الشخصية السلبية بشخصية الفتى السوداني
الذي لم يذكر الكاتب اسما له فهو واحد من المئات الضالين والمشردين الذين يبحثون عن
المال والمجد في أقصر الطرق ، أنه أضاع فتاة أحلامه)ريما(.
كانت )ريما( حلم شبابك السوداني الجميل التي أخلصت لك العواطف والمشاعر وظلت
تعيش لأجل حلمك المرّ ، الهارب والمغترب أبداً ، إلاّ أنك كنت حبيباً عاقّاً ، سرعان ما
رميت بنفسك في دروب الحماقات من غير رويّة ، ولا حسبان ، ما أن تلقيت مكالمة هاتفية
من ابن عمّك ، الشقي الذي كان يقاتل في )الرقة( السورية ، حتى اهتزت بك أرض السودان
.) ومادت ما أسرع سقوطك في لجّة أوهام )سلجماسة( ” ) 21
فهذه الشخصية من الذين يبحثون في عالم الوهم والخيال يدفعهم هاجس فاسد ومريض
يفاجأ فيما بعد بميتة بشعة على يد رفاقه وعينه باتجاه فتاة أحلامه في السودان التي تعيش
على أمل لقائه ، ولم يحضَ به حتى بعد فراره من السجن ، وما هذا الفتى سوى شخصية
ضائعة من شخصيات الفتيان العرب الذين يعانون من الجهل والبطالة.
وفي المجموعة ذاتها تطالعنا الشخصية السلبية متمثلةً بشخصية )الراوي / البطل( في قصه
)الحذاء( القصة المغرقة بالرمزية فقد بدأ الخوف يتحول إلى كابوس إلى رعب وهذا ما يشعر
به الراوي:
ها أنا ذا يا صاحبي بعد سنين من العز أصبحت أشعر بالخيفة والخيبة ، وهرعت إليك
التمس النصح والحيلة للعبور من هذا النفق المعتم ، الذي أقحمت نفسي فيه غفلة ، وأغفر
لي يا صاحبي إذا قلت لك أن من الأصلح للمرء أن يمضي حياته حافياً من أن يرافق هذا
.) النوع من الأحذية) 22
الراوي يشعر وكأن ثمة ثورة تحال ضده ثورة من )الدون( كما يخمن ويخشى ، وهذا ما يشير
إليه السطر الأخير من القصة ) فما من أحد منا يقدم على الوقوف بوجه ثورة حذاء ( وكأنه
يقدم عذراً ، معبراً عن عجزه وضعفه في مواجهة خطر مختلف اللون والطريقة ، وكأنه نفد
القدرة على التصدي لقوة أخرى أكثر همجية ، لذا نستطيع أن نراه شخصاً سلبياً يستمتع
ويعرف بخنوعه وتردده وهذا يعني جبنه.
2 الشخصيات الايجابية :– –
عرفها الدكتور عبد القادر القط بأنها تلك الشخصيات التي لها القدرة على صنع الأحداث ،
وانتهاز الفرص ، وتترك أثراً واضحاً فيما حولها من الناس ، وتتخذ من عواطفها وانفعالاتها
في كثير من الأحيان طابع العمل وتنبع إيجابيتها من حركتها البناءة نحو التغيير ، مجتازة ما
تعترضه من عقبات ،وقد كثرت نماذجها استجابة لما في المجتمع من أحداث وما توفر
. ) لدى القصاصين من تفاعل مع هذا الواقع) 23
فالبطل الإيجابي يعيش في المجتمع وهو مثل غيره من شخصيات القصة شخصية لها
جذورها ممتدة من أرض الواقع وفي نفس الوقت يحكمه منطق التفاعل بين الذات
. ) والواقع) 24
فهذه الشخصيات عادة ما تكون متطورة ومستقرة تنمو بنمو أحداث القصة ولها القدرة على
) إضفاء المزيد من الإيهام بواقعية تلك الشخصيات من خلال ما تقوم به من أفعال وأقوال) 25
.
لذلك دائماً نراها تتمتع بإحساس وإرادة وقدرة على تغيير العالم من حولهما .
ومن الشخصيات التي تمثل هذا النوع شخصية )حسن( في قصة )الليلة الأخيرة في مقبرة
الحسن البصري ( فهو من أكثر الشخصيات فعالية وحماس ، في رفض مواصلة البقاء في
ميدان الحرب ، ولذلك رفض ) حسن ( البقاء مع أقرانه ، رفض بحرارة ، إذ لجأ بعيداً عن
عيون السلطة إلى المقبرة :
مشى ناحية المقبرة وهو يرمي بناظريه بعيداً.. بعيداً تحسبه يتطلع في عالم آخر .. مشى
مشية جندي حقيقي لا جندي هارب .. مشية من لا يأبه من شيء أو يخاف من عاقبة . كان
صعب المراس ويائساً .. أثارت سخطه مشاهد الموت الزؤام الذي أبتلع أصدقاءه واحداً
. ) واحداً . وجعل يحس بالفراغ الموحش المضبب بأدخنة الدمار … ” ) 26
يتضح من ذلك أن )حسن( هو أول من يضحي بنفسه من بين أشخاص قصص الكاتب ، وقد
مثلت شخصيته في تلك القصة أعلى درجات الشرف والرفعة في مقاومة النظام ، وعدم
القدرة على تحمل الخنوع فقد أرتضى الموت على تلك الطريقة بعد أن أدرك أن رفاقه قد
لقوا حتفهم في نار تلك الكريهة المستعرة . فهو لم يتحمل تلك المشاهد وأخذ يداوي
جراحه ب )الشراب( ويناجي أرواح الموتى مما دفعه للعودة إلى البيت متحدياً عيون السلطة
إلا أنه لقي حتفه على يد رجال الأمن .
وتمتاز الشخصية الإيجابية بالتنوع إذ يظهر لها في كل موقف تصرف جديد يكشف من
خلاله عن الكثير من جوانبها المتعددة
ونعثر على الشخصية الايجابية في قصة )سهيل يشع جنوباً( متمثلة بشخصية )أبو حميدة(
الذي قطع البيد والصحاري لينجو من جور السلطة وبطشها ومن آثار الحرب التي تهدد
حياته في كل ثانية ، فهو واحد من بين الآلاف من الجنود الذين سيقوا إلى الحرب كرهاً ،
إلا أن )أبا حميدة( تحدى قدره ونسى الخوف حتى وهو يقطع طريقه في الصحراء أراد أن
يغير من الواقع وأن يعيش بحرية وكرامة بعيداً عن رائحة الدماء .
لم تتيسر لنا سبل سالكه للهروب من جحيم الحرب التي وجدنا أنفسنا في خضمها صدفة
.. الحرب التي لاشيء مقدس فيها عدا أرواحنا البريئة ، التي ما انفكت تُحصَد حصداً جائراً
، بالتأكيد كان كل واحد منا مسحوراً بفكرة الهروب لاسيما في الأوقات التعيسة التي تظلم
فيها الدنيا وتدلهم ، لكن تلك الفكرة بكل إلحاحها وآمالها الجذابة ، لم يجرؤا على ركوب
أمواجها المرعبة سوى واحد لا غير هو النجار الجريء ، ذو الجسد الحديدي والاحتياج
.) الانفعالي ال ذي لا ينضب )أبو حميدة( ” ) 27
ندرك من ذلك أن )أبو حميدة( على الرغم من إحساسه بكل مرارات ما يحيط به نراه
يتمتع بمزاياه الأصلية ونقاء سريرته ، فهو يرفض كل ما يسيء أو يعكر صفو حال الإنسان
، وكأنه يؤكد للجميع أن الملأ ما خلقوا ليكونوا بمواجهة كل هذا العذاب لذلك لا نراه نادماً
عندما وجدناه يقضي على شقيق الرجل الذي أواه وأتمنه على عياله وبيته من أجل خلاص
)بهية( من مداهمة ذلك الخنزير .
ومثلما تمتد يد ) أبو حميدة ( إلى لوح الخشب على استقامتها لتنشره ، امتدت إلى تلك
الرقبة وراحت تنشرها بالمنجل الكبير نشراً لا يرحم ! ..أعمى الغضب الجارف عينيه ، لم
يعبأ .. لم يرف له جفن لمنظر الدم المطلول ، كان ينظر إلى نزيفه وكأنه نشارة خشبٍ
تتساقط من بين أصابعه . وعلى الرغم من صراخ الرجل رعباً وألماً ، وغزارة الدم الذي يثغب
) منه ، لم يكف عنه ) أبو حميدة ( “) 28
وأما في قصة ) اليابسون( نعثر على ) إحسان الناصري( الرجل المثقف والروائي المبدع
الذي )مات في درجه الصفر( كما وصفه الكاتب حسداً وتحت نظرات قاتلة تمتلئ بالبغض
والحسد ذلك حين أصدر روايته الأولى :
منذ صدرت روايته الأولى )هلال ابن ثلاثة أيام( غدا أثراً جميلاً على بطاح الأدب وسبعة
ألوان قزحية زيّنت طرفا الأفق . تلك الرواية التي صدمت البعض من الأدباء الحسودين ،
والغيورين الذين جثموا على صدر الأدب مثل رف من الغربان السود ، كانت ردود أفعالهم
تلتطم مثل أمواج بحر صاخب ، وعبّر كل منهم عن انطباعاته الغاضبة حول تلك الرواية
) بأفواه كالطبول.” ) 29
تمثل شخصية )إحسان الناصري( في المقطع السابق أولى الشخصيات المثقفة في المجاميع
القصصية الثلاث والتي لا تطالعنا شخصية أخرى بهذا المستوى من الثقافة ، إذ اتخذ من
كتاباته الروائية مصدراً لمحاربة الجهل والبغض ولم يعترف بالهزيمة على الرغم من أن القاص
لم يبين لنا أنواع كتاباته ، فبقيت شخصيته في الظل ، وعلى رأسه قبعة روائي معتد بذاته ،
دون أن نهتدي إلى المزيد من التعرف عليه ، فهو شخصية إيجابية قادرة على تغير الواقع
المحيط بها .
أما في قصة )ذبابات آيار( نعثر على )جبار الحداد( الرجل المتحدي ، أو الرجل الثوري ، أو
المتمرد الذي رحل وفي ثيابه رائحة البارود ، الرجل الذي رُفِع صيته وبقي حياً في ذاكرة
الناس كما ذكره القاصإن الناس تتذكره على الدوام) 31 ( ف )جبار الحداد( تحدى قوى
شريرة متمثلة برجال الأمن ، والحزب والسلطة على الرغم من أنه : ” كان يتوجس الخوف
طوال أوقاته ، وينام على حد السكين ، عمل سنين طويلة خلف الجدران والأستار ، في
الظلام بعيداً عن العيون المتربصة ، كان يعمل بشعور مزيفي العملات والمطلوبين للعدالة
. )31(
ولم يكف الحداد مواصلة العمل عن حتى بعد أن عُذب ذلك العذاب على يد رجال الأمن ،
وتتمثل إيجابية هذه الشخصية كونها من الأشخاص الذين اتصفوا بالتصدي ومقاومة أزلام
النظام السابق ، فهو شخصية إيجابية بأفعالها وقدرتها على تغير الواقع من خلال إرادتها
القوية وتصميمها على مواصلة العمل تبقى شخصية )جبار الحداد( قبس من نور ضئيل في
الظلام الحالك ، تبقى شخصيته الثورية نادرة ومحدودة الوجود و لا تكاد تتكاثر وتنمو .
 
طرائق تقديم الشخصية :
 
   اهتم النقاد السرديين بطرائق تقديم الشخصية وعرضها في النص القصصي ، لما لذلك من
دور مركزي رئيس في تأصيل دينامكية العملية السردية داخل فضاء القصة وطبقاتها.
ويقصد بطرائق تقديم الشخصية : الكيفية التي يتم بها خلق الشخصيات القصصية وبناء
وجودها في العمل القصصي ، وقد عرف . مجدي وهبة . عملية الخلق هذه بأنها : ” منهج
يقدم به المؤلف شخصية ما فصل في القصة أو المسرحية . وهذا المنهج يكون عادة
بإحدى الطريقتين : إما أن يصف المؤلف الشخصية وصفاً دقيقاً ، وإما أن تظهر الشخصية
) من خلال أحداث القصة نفسها ، وتفاعل الشخصية معها …” ) 32
وعليه يمكن أن تقدم الشخصية القصصية بأربع طرق : ” بوساطة نفسها ، بوساطة شخصية
أخرى ، بوساطة ، راو يكون موضعه خارج القصة ، بوساطة الشخصية نفسها والشخصية
) الأخرى والراوي) 33
لعل الطرائق الشائعة في تقديم الشخصيات للمجموعات القصصية موضع البحث هما :
تقديمها بوساطة راوٍ خارجي ، وعن طريق الأحداث .
 
أ تقديم الشخصية عن طريق الراوي :
 
   هناك علاقة جدلية قائمة بين الشخصية والراوي بوصفه المحرك الأساس لعملية القص يأخذ على عاتقة أسلوب العمل القصصي وبنيته ، فالراوي هوالذي يحكى لنا القصة وينظم
فقراتها ، ويورد مقاطعها حسب إرادته واختياره ، ويعرض علينا الأحداث من وجهة نظر هذه
) الشخصية أو تلك أو من وجهة نظره هو بالذات ، ولكنه أيضاً شخصية) 34
وهذا يؤكد على أن الراوي شخصية يكون موقعه داخل النص القصصي ، وليس خارجه ، فهو
إذن راوٍ مشارك ، متماهٍ مع شخصياته ، يمتلك إمكانات فائقة في التعبير عن الشخصية
وتقديمها وتقديم كل ما يخصها من قريب أو بعيد
وتتضح الشخصية عادة في بداية القصة من خلال المعلومات التي يقدمها القاص عنها ،
سواء أكانت المعلومات وصفاً لمظهرها الخارجي وطبيعتها ومزاجها أم كانت تحديداً
.) لعلاقاتها القصصية) 35
وقد سادت هذه الطريقة في قصص الكاتب حيث يشير استقراؤنا لقصة )أثناء الحمى ( أن
مصدر التقديم هو الراوي فهو الذي يقدم الأبعاد الخارجية والأبعاد النفسية لشخصية )
خلف الحجية(
كان )خلف الحجية( ضابط صف في الجيش، حاذقاً ومتمرساً، رقيق الحاشية، يحلق وجهه
ورأسه على الطريقة العسكرية دائماً ، وخلال كل إجازة يتمتع بها ، كنا نجلس أياماً لأستمع
إليه وهو يحدثني عن أمجاد ديكه الهندي .
كانت سحنته حمراء داكنة يميل إلى الابتسام على الدوام بفمه الحزين..الذي يختلج جانباه
وكأنه يريد أن يجهش بالبكاء، وعلى جبينه العريض كان جمال الروح الطيبة ناصعاً، يتلألأ
. ) مثل ألقٍ خلف ستارة بيضاء) 36
نجد هنا تقديماً مبدئيا لشخصية )خلف الحجية( وهي شخصية محورية تدور حولها أحداث
القصة، فالراوي عمد إلى تقديم كل ما يتعلق بالشخصية وإعطاء معلومات مباشرة عنها،عن
طريق وصف ملامحها الخارجية،أما أبعادها النفسية فهي مليئة بالأحزان والهموم نتيجة
خسارته لإحدى الجولات الشائعة التي تدور حول صراع الديكة،عن طريق الغش الذي كان
يمارس فيها،ليكون مدخلاً للحديث عن الشرف الذي يضيق في مجتمعنا فالكثير من الناس
يمارسون الغش والسلب والنهب والتزوير، نجدهم ظاهراً شرفاء وفي أقصى درجات الشرف،
وهذا الشعور أدى بالشخصية إلى الإحباط والانكسار الداخلي، فقد كان ) خلف ( يشعر
.) بالخذلان لذلك قرر الرحيل بعيداً عن هذا المجتمع) 37
أما في قصة ) كرابيت( فهي تدور حول شخص مهاجر من )أرمينا( إلى مدينة )الشطرة( حتى
مات فيها فأسم القصة أرتبط باسم كنيسة )القديس كرابيت( في بغداد،حيث يقدم لنا الراوي
هذه الشخصية تقديماً مباشراً.
” )كرابيت( راعي دكان الخمور وصاحبه،مخلوق فارع القوام ضخم الجثة كوحيد القرن ظل
محافظاً طوال حياته على طريقته الغريبة في الجلوس أو الوقوف ببذلته الرمادية الجميلة
وقميصه الأبيض النظيف، يده الشمال في جيب السروال حاملة جزءاً من ذيل السترة. وما
كان يرفع رأسه بتعالٍ أو تحد كما يفعل البعض ، لكنما حركة رأسه الكبيرة ، وعيناه
الحمراوان الساكنتان يوصيان بالشجاعة والاعتداد وبالثقة الراسخة ، يجلس في دكانه خلف
) دكةٍ عالية خالية من كل شيء …” ) 38
فهذه الشخصية مختلفة تمام الاختلاف عن أبناء المدينة الذين يعيبون عليه مهنته كونه )بائع
خمور( بينما يتسابقون إلى شراء بضاعته كي يتناسون آلامهم الناجمة عن قسوة الزمان
والمكان، وكان ، )كرابيت( يبيع الخمور لعشرات الحمالين الذين يضجون قريباً من حانوته ،
وقد وصفة القاص وصفاً فريداً ومختلفاً عن أبناء بلدته الذين يبكون ليلاً ونهاراً ، وعن
الشخصيات الأخرى الهزيلة ، فهذا الوصف يساعد القارئ على فهم مستوى الشخصية
وإدراكها وما تقوم به من فعل داخل العمل القصصي .
ولا يترك الكاتب شخصية من شخصيات القصة إلا ويصف مظهرها الخارجي وصفاً دقيقاً
مثل الوصف الذي نجده لشخصية )نجم ( في قصة )أسرار النجم الغجري ( منذ مطلع
القصةإنها أول مرة أتطاول فيها على هذا الكائن الضعيف ، وهو يقف أمامي بنظراته
الخائنة ، وفي كل لحظة يرتب كوفية الذنوب العظيمة التي يلفها فوق طاقيته المشبّكة
) البيضاء كما يفعل كل قوّادٍ من قوّادي شارع )بشّار( “) 39
يرسم القاص هذه الشخصية التي تتمتع باسم ثنائي من خلال وصف الشكل الخارجي لها،
لينطلق منها للحديث عن الغجر وأعمالهم ، أما مكانته الاجتماعية فهو يعمل عند صيقل
غجري اشتهر بإصلاح بنادق الصيد ، فليس الوصف الخارجي للشخصية إلا اٍنعكاساً
للمبادئ التي تكمن في أعماقها .
أما في قصة الصعود فنجد تقديماً لشخصية المرأة التي يسكن عندها )الحداد( ، وهذا
التقديم يأتي عن طريق الوصف ، وذلك لأن وصف الملامح الخارجية للشخصيات يحتل
مساحة مهمة لأنه قادر على كشف النوازع السلوكية وطبائع الشخصيات .
كانت تلك المرأة ربان البيت وقائده .. امرأة موفورة الصحة والعافية .. قدّت من حديد
ولكنها كانت غليظة الطباع ، بذيئة اللسان . امرأة متجهمة لا تبتسم إلا لماماً ثرثارة وصاخبة
.) ، ما أن ينطلق لسانها الجارح سريعاً حتى يتعذّر صدّه ، أو الوقوف في طريقه .. ” ) 41
في هذا المقطع نجد التقديم جاء عن طريق الراوي وهو ينظر إلى الشخصية وجهتي نظر في
أن واحد وجهة نظر الراوي الخارجي الذي يسجل ما يرى ويسمع والراوي الداخلي الذي
يغور عميقاً داخل الشخصية ، كما أن الوصف جاء بطريقة الإخبار المجمل ، فهذه الصفات
جاءت لتكشف أن الشخصية على درجة كبيرة من القساوة ودرجات متفاوتة من الخبث
والبخل وكذلك الغضب والثورة السريعان فهذه الشخصية نجدها تنحى منحى أنانياً يدور
حول الذات واحتياجاتها إذ لم تصدر منها لمحة إنسانية اتجاه الحداد وزوجته وأبنائه .
مما يعنيأن علاقة الراوي بشخصياته تتم من منظور ورؤية خارجية ، وهذا يدل على أنه
يسعى إلى إقامة علاقة سردية متفاعلة بين الشخصية والحوادث التي تفتعلها لذلك ينتقل
.) بين الشخصيات بكل حرية ومن دون أية قيود تحد بحريته) 41
أما في قصة )السطوع( نجد الكاتب يقدم شخصياته معتمداً على الوصف الملامح الخارجية
والداخلية واصفاً إياها بأدق التفاصيل ، وهذا نجده متمثلاً بوصفه للنقيب )نزار( التي جاءت
ملامحه متوافقة مع عالمه الداخلي .
تصادف مع تلك الليلة الحزينة أيضاً ، وجود هذا الضابط .. النقيب )نزار( … الرجل
الصاخب ، ذو السمعة الشريرة ، والمتهورة ،الذي يحاذر السجناء دائماً من مغبة الوقوع بين
يديه . رجل طويل ، يتمتع ببسطة في الجسم ، تجعل المرء يحس بالضعف حيالها ، عضلاته
الناتئة ، اعتاد أن يرتدي ملابس ضيقة ، بغية استعراضه العضلي . ناري المزاج وملتهب ،
وهو سريع الردود دائماً . مخاطي قذر ، قتل الكثير من المساجين خلال فترات خفاراته
 
.) الليلية في السجن . كان يقتلهم بارتياح ولهفة ..” ) 42
جاء التقديم في النص السابق ليصف الملامح الخارجية والداخلية كقوله )ناري المزاج،
وملتهب، سريع الردود ( ، فصاحب هذه الأوصاف ذو إرادة صلبة ، متسلط ، يميل إلى
القسوة ، والعنف ، وهذا متحقق في سلوكه مع السجناء وتعذيبهم ، وهذا بدوره يتلائم
وطبيعة عمله بوصفه ) ضابطاً( في الأمن وما يحدث داخل السجون من قسر وتعذيب فهذه
الشخصية مقدمة بطريقة مباشرة من قبل الراوي أي أن المتلقي يتصورها فقط على وفق
الصورة التي يقدمها الراوي .
 2 تقديم الشخصية عن طريق الأحداث :
 
   إن العلاقة السردية في جزء من رغباتها تجنح إلى إقامة علاقة متبادلة في بناء عناصرها ،
تختزل وجودها المادي والمعنوي لوضعها في مسارها الصحيح ، وأن تأكيد النقاد والسرديين
. ) على هذه العلاقة ، ما هو إلاّ جزءاً من اللعبة السردية المعلنة ملامحها سابق اً) 43
فالقصة بصورتها النهائية المتحققة في الفعل السردي . تخلق العلاقة بين الشخصية والحدث
بشكل أكثر فاعلية من خلال فعل التأثر والتأثير ، إذأن الحدث يقوم في أساسه
على وجود الفعل ورد الفعل من خلال تفاعله وتبادله التأثر والتأثير في توليد المعنى الأدبي
.) الذي يمثل بنية العمل الفني) 44
أن بناء الشخصية في الفن الحكائي ولاسيما القصصي منه . يرتبط بمقدرة القاص على عملية
الإبداع والابتكار والبراعة في التشكيل ، ومن ثم مقدرته النهائية على فهم شخصياته
واستيعاب سلوكها وتصرفاتها المفتعلة وغير المفتعلة ، التي تنضج بفعل الحدث الذي
. ) تمارسه وهذا بدوره يؤدي بشكل سلبي وإيجابي في بلورة وظيفتها السردية ) 45
ومن هنا نؤكد على الدور الذي يقوم به الحدث في تحديد الفعالية السردية للشخصية فهما
عنصران متلازمان لا يفترقان في أي نص سرديمن الخطأ الفصل أو التفريق بين
الشخصية وبين الحدث لأن الحدث هو الشخصية .. فلو أن الكاتب اقتصر على تصوير
.) الفعل دون الفاعل كانت قصته أقرب إلى الخبر منها إلى القصة) 46
إذنجد الكثير من الشخصيات الرئيسة والفرعية قد تجاوزت حالتها التي كانت عليها بفعل
التأثير الحاصل بينها وبين الأحداث التي مرت بها، فنقطة التحول الحاصلة في حياة الكثير
من الشخصيات، إنما تأتي استجابة لمتطلبات الحدث القصصي وخصائص التحول فيه،
وتفاعلها مع الحدث إنما يعود إلى التأثير المتبادل والمنطقي بين الحدث وما تكون عليه
.) الشخصية) 47
فشخصية )السرو( في قصة )ضريح السرو( كانت شخصية طيبة تحمل علاقات ودية مع من
حوله، وكان) السرو ( يتميز بجذعه السامق على حد تعبير الكاتب، ولكن أحداث الأسر
أدت به إلى الاندثار وأمسى أجرد بعد ما سلبت منه نظارته أعوام الحرب والأسر، وبعد أن
تلقى ضربته القاضية من أقرب الناس إليه وهي زوجته التي أنكرته.
عاد من الأسر بذاكرة مبددة لكنها رغم وهنها لا يمكن أن تطيش بشأن زوجته، كان واحداً
من تسعة أسرى، مجموعة غريبة مجهولة عادت بعد أوان طويلعقب ترجله من الشاحنة
عند طفول الشمس ، في كآبة الخطوط الداكنة التي تتخلل السماء، راح يتوغل الشارع وهو
مطعوناً بطعنة نجلاء فاهقة ، غير مبال كثيراً للجراح الفاغرة في صدره، مضى وحيداً ، غريباً ،
.) وأسيراً ، كابحاً السخط المشبوب في داخله) 48
فهذه الأحداث التي عصفت به منها حادثة الأسر ، وإنكار زوجته له جعلت منه شخص غير
مبالي لجراحه بعد أن فقد كل ما كان يتمتع به ، فقد الكثير من الإنسانية، فقدها جملةً
وتفصيلاً بل جُرد منها بطريقة متوحشة وأصبح، رجلا قانطاً متلهفاً للعثور على قبره بعد أن
أضاع مفاتيحه فقد هوى السرو مثلما تهوى شجرة قديمة تحت فأس النظام وآلته المدمرة .
نجد أن أي تغير يطرأ على بنية الأحداث ينعكس على موقف الشخصيات وبالتالي يؤثر
.) سلباً وإيجاباً على الصلات التي تجمع هذه الأخيرة بمن يشاركها في النهوض بالسرد) 49
أما في قصة ) هكذا تكلمت خميسة وهكذا سكتت( يقدم القاص الشخصية النسائية
المتمثلة ب )خميسة( التي نجد في سلوكها الثوري ما يكمل شخصيتها، إذ نجد تقديماً من
قبل الراوي للشخصية عن طريق الأحداث التي مرت بها.
كانت )خميسة( تعمل في السوق بثوب رجالي بني ، عقال وكوفية ، وعباءة صوفية شقراء
، تبيع وتشتري . وعلى رغم من مظهرها الرجولي ، فلم تكن )خميسة( فحلاً ، تحت
ملابسها بقيت امرأة.. امرأة طالما أحرجتها كلمات أولئك الريفيين الأغراب وعباراتهم، حيث
) يفاجؤونها ببعض أقوالهم الفظة الفاحشة) 51
الراوي يقدم لنا الشخصية التي أرادت أن يكون لها دور في المجتمع والتغلب على النظرة
الناقصة التي تعاني منها في أغلب الأحيان على النحو الذي تكسب فيه دوراً سردياً جديداً
فالقاص قدم الشخصية بهذا الزي الغريب بسبب الانتقاد للواقع الذي يعيشه المجتمع
العراقي بصورة خاصة والعالم العربي بصورة عامة الذي يهيمن عليه الواقع الذكوري
. ) المتسلط) 51
إن هذه الأحداث القصصية المتخيلة صنعت شخصيات القصة بفعل التأثير المتبادل بينهما
وبين الأحداث ، وهي وإن كانت تعمل في مستوي من مستوياتها على إبراز الجوانب السلبية
والإيجابية ، إلا أنها من جانب آخر برزت هذه الجوانب وكشفت عن نقاط القوة والضعف
. ) فيها ، وهذا يعني إن الشخصيات كانت مهيأة عملياً لتقبل التحولات الطارئة عليها) 52
وفي قصة )روعة اللمسة الأخيرة( يلجأ القاص إلى هذه الطريقة من خلال تقديمه لشخصية
)رياض( بعد إن أثرت به حادثة سرقة الشُجيرة الصغيرة من منزل الدكتور )حسين(
إن)رياض( اليوم غير ذلك بالمرة ، جيوبه تمتلئ بالنقود ، ويعامله زبائنه الكثيرون بتجلة
وإكرام .. ها هو اليوم )بندر( من بنادر المدينة القلائل ، يعمل في أكثر الحرف راحة وأغناها
ربحاً جعلته يعيش في بحبوبة .. يذهب إلى العمل خدراً ويؤوب خدراً فلا خوف يراوده ، ولا
) يثنيه ريب) 53
فهذا الحدث أثر على الشخصية تأثير إيجابياً إذا جعل منه شخصاً ثرياً وأصبح من أهم تجار
)البندر( وله مكانة مرموقة بين زبائنه فهو من الشخصيات التي لها القدرة على تقبّل تلك
التغيرات الطارئة في حياتها فهذا التغيير جعله يتحول إلى شخصية مقاومة في نهاية القصة
تقف إلى جانب الجماهير المتظاهرة ضد المنتفعين من النظام يدفعهم هاجس السلب
والنهب فيذهب هؤلاء المتظاهرين ضحية نزوة غذّاها الشعور بالمعاناة والجوع وإثارة
الحروب مع الدول .
أما في قصة ) اليابسون( فتتأثر شخصية )إحسان الناصري( بالأحداث التي عصفت به من
قبل النقاد والأدباء بعد أن أصدر روايته الأولى )هلال ابن ثلاثة أيام( فهذه الأحداث أثرت
سلبياً على الشخصية على الرغم من أنه أول شخصية مثقفة نعثر عليها في قصص الكتاب ،
حيث يصور القاص حالته بعد توقفه عن الكتابة جراء تأثيره بتلك الآراء التي كانت بمثابة
خيبة مبكرة جداً لثورتهم .
تهالك ) إحسان( على نفسه من جراء تلك العاصفة ، وأنكفأ واهن الحركة معتكفاً في
منزله ، متشنجاً ، ساخن الأحشاء ، يرشح ندماً وحيرة في حالة من كان يكابد نوبة زكام
محموم ، وبان شارد الذهن م ا أنف ك يتساءل هل ثم ة بواع ث لثورتهم ؟ إنه يقرأ ويكتب
) مثلما يفعل الآخرون ، هل ثمة مغامرة أو انجراف في الأمر؟) 54
فلا يخفي على القارئ ما أصاب هذه الشخصية من إحباطات وإخفاقات نتيجة تلك الآراء
ولكن )إحسان الناصري ( تجاوز أزمته النفسية ولم تأثر عليه بعد أن قرر إصدار روايته الثانية
) لا رياح ولا مطرٌ( فهذه الشخصية تجاوزت مرجعيتها السلبية التي وجدت نفسها عليها بفعل
الضغوط الكثيرة والمتعددة الأطراف مما أثر عليها تأثيراً سيئاً .
الخاتمة ونتائج البحث :
بعد البحث في نصوص محمود يعقوب القصصية كان من نتائج البحث ما يأتي
:
.1 إن الشخصيات السلبية  في قصص محمود يعقوب تسلط الضوء على
جوانب الشخصيات القصصية وتسهم إسهاماً فعّالاً في تبيان مواقفها وأبعاده ا
المختلفة ، فضلاً  عن ذلك تلعب هذه الشخصيات أدواراً مختلفة ، فلا
يقتصر تواجدها على الأدوار الثانوية ، وإنما نجدها تلعب دوراً  رئيساً فعاّلاً في
بعض الأحيان .
.2 تتمتع الشخصيات الايجابية بإرادة قوية وقدرة فائقة على تغيير  العالم من
حولها . لذلك امتازت بالتنوع إذ يبرز لها في كل موقف تصرف جديد يكشف
بوساطته عن الكثير من جوانبها المختلفة .
.3 بعد القراءة المتفحصة لنصوص القاص نلحظ أنه أعتمد في تقديم شخصياته
على طريقتين الراوي الخارجي ، وتقديمها عن طريق الأحداث .
.4 لا يترك محمود يعقوب شخصية من شخصيات قصصه إلا ويصف مظهره
الخارجي وصفاً دقيقاً بارعاً  ، وذل ك لأن الوصف الخارجي للشخصية قادر
على كشف نوازعها السلوكية .
.5 نجد إن الشخصيات في قصص محمود يعقوب تتغير على وفق  تغير
الأحداث المحيطة بها ، وهذا بدوره ينعكس على مواقفه وبالتاليي  يؤثر سلباً
وإيجاباً على أقواله وأفعاله ، مما يعني أن الشخصيات كانت مهيأة عملياً
لتقبّل التحولات السلوكية المفاجئة عليها .
.6 تحيا الشخصيات الإيجابية من واقعها المحيط بها ، وتتأثر بالظروف التي
تعيشها وتتجاوب معها ولها القدرة على تغير الواقع والانتقال  من حالة
السكون والحذر إلى حالة الفعل الجاد والحركة الدائبة فهذه الشخصيات لها
القدرة العالية على تقبل العلاقات مع الشخصيات الأخرى والتأثير فيها.
 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش
.1 ينظر سردية النص الأدبي : د.ضياء غني لفتة ، د.عواد كاظم لفتة ، دار
. 135 : 2111 ، الحامد للنشر والتوزيع ، الاردن ، ط 1
.2 ينظر: النقد التطبيقي التحليلي ، د.عدنان خالد عبد الله ، دار الشؤون الثقافية
. 66: العامة ، ط 1 ، بغداد ، 1968
.3 ينظر : نظرية الأدب : أوستن وارين ورينيه ويلك ، ت : محي الدين صبحي ،
.66 : مطبعة خالد الطرابيشي ، دمشق ، 1972
.4 . غائب طعمة فرمان روائياً ، د. فاطمة عيسى جاسم : 79
.5 البنية السردية في كتاب الأغاني لأبي الفرج الاصبهاني : 132
.6 . البنية السردية في كتاب الأغاني : 133
.7 ينظر : الإشارة الجمالية في المثل القرآني ، عشتار داود ، اتحاد الكتاب
152 : العرب ، دمشق ، 2115
.8 ينظر : البنية القصصية في رسالة الغفران ، حسين الوارد ، الدار العربية
. للكتاب ، ليبيا، تونس ، ط 3 ، د. ت : 85
.9 ينظر : البنية والدلالة في مجموعة حيدر حيدر القصصية ) الوعول ( ، عبد
. 36 : الفتاح إبراهيم ، الدار التونسية للنشر ، 1986
المجلد ) 4 ( العدد ) 3 ( ايلول 2014 [ ]
ب
19
.11 السرد في قصص موسى كريدي ، عليّة مسير رسن ، رسالة ماجستير ،
. 91 : الجامعة المستنصرية ، كلية التربية ، 1995
.11 ينظر : الأدب وفنونه ، عز الدين إسماعيل ، دار الفكر العربي ، القاهرة ،
. 193 192 : 1976
.12 . ينظر : النقد التحليلي التطبيقي : 67
.13 ينظر :في الأدب المصري المعاصر ، د. عبد القادر القطّ ، مصر ،
. 177 : 1995
.14 . 11 ضريح السرو : 11
.15 . ينظر : عالم الرواية : 151
.16 . ضريح السرو : 36
.17 . م ، ن : 39
.18 . ينظر : النقد التطبيقي التحليلي : 67
.19 . السطوع : 61
.21 ينظر : الرواية العربية المتخيل وبنيته الفنية ، د. يمنى العيد ، دار
45 : 2111 ، الفارابي ، بيروت ، لبنان ، ط 1
.21 . الصعود : 51
.22 . الصعود : 39
.23 . 44 ينظر : الأدب المصري المعاصر ، عبد القادر القطّ : 1
.24 ينظر : اتجاهات الرواية العربية المعاصرة ، د. سعيد الورقي ، دار
. 163 : المعرفة الجامعية ، الاسكندرية ، 1989
.25 . ينظر : السرد في قصص ) موسى كريدي ( : 91
.26 . السطوع : 115
.27 . أثناء الحمى : 86
.28 م . ن : 113
.29 . الصعود : 63
المجلد ) 4 ( العدد ) 3 ( ايلول 2014 [ ]
ب
21
.31 أثناء الحمى : 25
.31 . 26 م . ن : 25
.32 معجم المصطلحات العربية في اللغة والأدب ، مجدي وهبة ، كامل
. 65 : المهندس ، ط 2، مكتبة لبنان ، ، بيروت ، 1984
.33 . عالم الرواية : 158
.34 البنية والدلالة في مجموعة حيدر حيدر ) الوعول ( ، عبد الفتاح إبراهيم
. 154 : ، الدار التونسية للنشر ، تونس ، 1986
.35 ينظر : الرواية العربية البناء والرؤيا مقاربات نقدية ، سمر روحي
. 133 : الفيصل ، إتحاد الكتاب العرب ، دمشق ، 2113
.36 . أثناء الحمى : 41
.37 . ينظر : شواغل سردية دراسات نقدية : 142
.38 . ضريح السرو : 28
.39 . ضريح السرو : 64
.41 . الصعود: 81
.41 جماليات التشكيل الروائي ، دراسة في الملحمة الروائية ) مدارات الشرق
( ، نبيل سلمان ، محمد صابر عبيد ، د. سوسن البياتي ، عالم الكتب
153 : الحديث ، الأردن ، 2112 ، ط 1
.42 . السطوع : 42
.43 ين
. ظر : جماليات التشكيل الروائي : 154
.44 بناء الشخصية الرئيسية في روايات نجيب محفوظ بدوي عثمان د. ،
. 242 : 1986 ، دار الحداثة ، بيروت ، ط 1
.45 . ينظر : جماليات التشكيل الروائي : 154
.46 1975 ، فن القصة القصيرة ، رشاد رشدي ، دار العودة ، بيروت ، ط 2
. 31 :
المجلد ) 4 ( العدد ) 3 ( ايلول 2014 [ ]
ب
21
.47 . 155 جماليات التشكيل الروائي : 154
.48 . 7 ضريح السرو : 6
.49 . ينظر : بنية الشكل الروائي : 244
.51 . أثناء الحمى : 72
.51 ينظر : شواغل سردية : 153
.52 . ينظر : جماليات التشكيل الروائي : 156
.53 . السطوع : 142
.54 . الصعود : 63
المصادر والمراجع
أولاً : المجموعات القصصية بحسب تاريخ نشرها :
.1 . ضريح السرو ، منشورات مجلة الشرارة ، النجف الاشرف ، 2111
.2 . أثناء الحمى ، منشورات مجلة الشرارة ، النجف الاشرف ، 2111
.3 . السطوع ، الدار العربية للعلوم ناشرون ، بيروت ، 2113
.4 . الصعود ، التكوين للطباعة والنشر ، سوريا دمشق ، 2117
ثانياً : الكتب والدراسات العربية :
.1 اتجاهات الرواية العربية المعاصرة ، سعيد الورقي ، دار الورقي ، دار المعرفة
. 1991 ، الجامعية ، الاسكندرية ، ط 1
.2 ، الأدب وفنونه ، عز الدين إسماعيل ، دار الفكر العربي ، القاهرة ، ط 1
. 1976
.3 الإشارة الجمالية في المثل القرآني ، عشتار داود ، اتحاد الكتاب العرب ،
. دمشق ، 2115
.4 بناء الشخصية في روايات نجيب محفوظ ، بدري عثمان ، دار الحداثة ،
. 1986 ، بيروت ، ط 1
.5 بنية الشكل الروائي ) الفضاء الزمن الشخصية ( ، حسن بحراوي ، المركز
المجلد ) 4 ( العدد ) 3 ( ايلول 2014 [ ]
ب
22
. 1991 ، الثقافي العربي ، ط 1
.6 البنية والدلالة في مجموعة حيدر حيدر القصصية ) الوعول ( ، عبد الفتاح
. إبراهيم ، الدار التونسية للنشر ، 1986
.7 البنية القصصية في رسالة الغفران ، حسين الواد ، الدار العربية للكتاب ، ليبيا
، ط 3 ، د. ت .
.8 جماليات التشكيل الروائي ، دراسة في الملحمة الروائية ) مدارات الشرق (
نبيل سليمان ، د. محمد صابر عبيد ، د. سوسن البياتي ، عالم الكتب
. 2111 ، الحديث ، الأردن ، ط 1
.9 الرواية العربية المتخيل وبنيته الفنية ، د. يمنى العيد ، دار الفارابي ، بيروت ،
. 2111 ، لبنان ، ط 1
.11 الرواية العربية البناء والرؤيا مقارنة نقدية سمر روحي الفيصل ، اتحاد
الكتاب العرب ، دمشق ، 2113
.11 سردية النص الأدبي ، د. ضياء غني لفتة ، د. عواد كاظم لفتة ، دار الحامد
. 2111 ، للنشر والتوزيع ، الأردن ، ط 1
.12 شواغل سردية ، دراسات نقدية في القصة والرواية ، تموز للطباعة والنشر ،
. 2113 ، دمشق ، ط 1
.13 عالم الرواية ، رولان بورنوف ، وريال أونليه ، تر: نهاد التكرلي ، مراجعة : فؤاد
، التكرلي ومحسن الموسوي ، دار الشؤون الثقافية العامة ، بغداد ، ط 1
. 1991
.14 غائب طعمة فرمان روائياً ، د. فاطمة عيسى جاسم ، دار الشؤون الثقافية
. 2114 ، العامة ، بغداد ، ط 1
.15 في الأدب المصري ،عبد القادر القط، دار غريب للطباعة والنشر ، مصر ،
. 1995 ، ط 1
.16 . 1975 ، فن القصة القصيرة ، رشاد رشدي ، دار العودة ، بيروت ، ط 2
.17 معجم المصطلحات العربية في اللغة والأدب ، مجدي وهبة ، كامل المهندس
المجلد ) 4 ( العدد ) 3 ( ايلول 2014 [ ]
ب
23
. 1984 ، ، مكتبة لبنان ، بيروت ، ط 2
.18 نظرية الأدب ، أوستن وارين ، ورينيه ويلك ، تر: محي الدين صبحي ، مطبعة
. خالد الطرابيشي ، دمشق ، 1972
.19 النقد التطبيقي التحليلي ، د. عدنان خالد عبد الله ، دار الشؤون الثقافية
. 1986 ، العامة ، بغداد ، ط 1
الرسائل والأطاريح :
.1 البنية السردية في كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصبهاني ، ميّادة عبد الأمير ، )
. رسالة ماجستير ( ، جامعة ذي قار ، كلية التربية ، 2111
.2 السرد في قصص موسى كريدي ، عليّة مسير رسن ، رسالة ماجستير ،
. الجامعة المستنصرية ، كلية التربية ، 1995__

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *