حكاية ابن ( علي بابا )

محمود يعقوب

قصة قصيرة : حكاية ابن ( علي بابا )

كتبت هذه الحكاية  ونشرتها عام 2008 . وحتّى وقت قريب ، طرأ في ذهني أن أعيد كتابتها مرّة ثانية ، وإخراجها في حلّة أدبية أفضل ، غير أن قلمي لم يطاوعني على ذلك ، لأنني كتبت هذه القصة بعفوية وتلقائية جعلتني أعتزّ بها كثيراً ، مهما أحاط بها من ضعف أو هنّات .

   من  دون اكتراث أدرتُ ظهري إلى ذلك اليوم العصيب ، ليمضي في طريقه مثل حكاية  خرافية من حكايات إلف ليلة ٍوليلة ، يوم مريب ، تسلـّـل خلفي بعينيه الخزرتين ، وخطاه التي أربكها الأسف  ، كأنـه ليس في عداد الأيام ، مضى إلى حتفه ، ولفظ أنفاسه الأخيرة عند الساعة الثانية عشرة ليلا ً ، وعقب ذلك لم يعد له ذكراً في كل الأذهان ..
   لم أكن  رخو العزيمة في عملي أي وقت من الأوقات مثلما كنت عليه ذلك اليوم ، بل دعني أقول  صراحة ، أنني كنت غشـّاشا ً ، خنت الأمانة بصدر رحب ، وخرجت  بعدها إلى الملأ طابعاً على شفتيَّ ابتسامة بلهاء ، كتلك التي ترسمها العاهرة في نوبة عملها !..
   في قاعة الامتحانات المدرسية ، وقفت قلقاً أمام التلاميذ ، لبضعة دقائق ، ثم غافلت الجميع ، تقدمت كاللص ودسست كتاباً إلى ذلك الثور المعصوب العينين ، وتركته يغش بكل ارتياح  .. تركته يغش حتى آخر سؤال  من أسئلة الامتحان . كان يفعل ذلك برباطة جأش ؛ في الوقت الذي كان يعصف بي الاضطراب ، ويغمرني العرق والشعور بالتعب  . كنتُ مثل لص  يتسلّـقُ جدارا ً عالياً ليسرق .. يتسلق خائفاً متهيباً ، وهو يفعل ذلك لأول مرّة في حياته . حرصت أن لا يراني أو يشعر بي أحد ؛ وكنت أراوح بأقدامي على جمر النار ، وعيناي مفتوحتان على وسعهما تحدقان في ساعة معصمي تُـحصيان الدقائق والثواني ، التي كانت تنزل مع أنفاسي الملتهبة ، وترتسم على معصمي !..
   كان ( علي بابا ) جبلا ً من نقود ، بين عشيـّة وضحاها شَهق من الحضيض مرتفعاً قمة ً فوق جميع القمم . أما كيف حدث ذلك ، فهو سـرٌ من الأسرار .. سـر، كما يحدث حين تنهض في الصباح الباكر لتجد الأرض مغطاة  بالصقيع ؛ إلّا إن البعض تحدّثوا وقالوا ( ذات ليلة من الليالي عزم ( علي بابا ) على ذبح  ابنه ، الذي بذّر نقود أبيه على أجساد النساء ، وهو لم يزل ْ صبيـّا ً غرّا ً .. طفلا ً يلعب بخرائه ، على حدّ قول  أبيه ، غير إن الله عطف عليه وسارع لفديته .. فداه ُ بصـرّة  ذهب  وكيس  مليء  بالنقود  !.. ومن يومها سار  ( علي بابا ) على أطراف أصابع قدميه على بساط الثراء ، وهذا كل ما في الأمر ) .
   قبل أداء الامتحانات المدرسية ، الوزارية ، للمكملين ، جاء من يخبرني على عجل ، إن (علي بابا ) يبحث عني ، ويريد رؤيتي . في عصر ذلك اليوم ، ذهبت  لمقابلته ، وكان جالساً في أحد المحال التجارية . وسط شلّـة ، كان يجلس في فخامة ، مصعِّرا ً خدّه  على نحو أنيق ، وابتسامته الخفيفة الناعمة تتلوّى بين شفتيه بمرارة ٍ .. لاح غير قادر على طرد الشيطان من ناظرَيْـه ، وجهه ُ مقشوطا ً ومطليـّا ً بماء الذهب ، ملأ َ المكان بالحياة ، كما تملأه الغادة الحسناء .
أوسع لي مجلساً بجانبه ، وكنت معقود اللسان ، ففي حضرة الأثرياء ، تختلف الأحاديث وتختلف حتى الحركات والسكنات ، هذا واضح ٌ بالطبع . وإذ نادى طالبا ً شايا ً أدركت أن جلوسي معه سيطول . وكلما مرّ الوقت استقر في خلدي بأن الرجال من نوع ( علي بابا ) ليسوا على درجة ٍ من الوضوح . كان ينظر من خلف النظـّارة بلا مبالاةٍ ، أو هكذا يريد أن يـُظهِر الأمر ، غير انه كان يختلس النظر من زاويتي عينيه بحدة  وتدقيق  . وعندما بدأ الكلام ، راح يتمنطق في اللّغة ، مستعرضاً فيض حكمته ، وكان يهوي مسرعا ً إلى عبارة ( يا هل تـُرى ) خلال أحاديثه ، يلتقطها .. بل كان يحملها دائما مثل مصباح الجيب يسير على هديه في عتمة اللغة .
أشغل الآخرين بجدال  وتركهم صاخبين ، قبل أن ينقل الحديث إليّ مباشرة عبر بوابة من الثناء الماكر ، الذي صار يكيله بإسراف . وبين آن وآخر كان يمازحني بدون كلفة ، وما يفتأ يخاطبني بعبارة ( يا ابن أختي ) . كانت ترين عليه سعادة ٌ متورطة ٌ ، تنزف ُ سرّاً وفي صمت ..
   كان يهيئ من دون أن أدري ، كلّ ما يلزمه لولوج الأمر بلا تردد .. إن اللصوص يندفعون باحتراف إلى الأمام ، لذلك أسرع وطلب مني قائلاً :                      ـ ألتمس منك أن تبذل كلّ ما في وسعي لمساعدة ولدي على اجتياز امتحاناته الوزارية .
   طلب ذلك بموجب ( المعرفة القديمة والصداقة بيننا ) ، هل كنّا حقّاً أصدقاء ؟ ..                                                                                                  أخبرني أن ابنه سيؤدي الامتحانات في القاعة التي أشرف عليها   ، وانه يحتاج إلى بعض اللمسات في امتحاناته  .. لمسات ستهز أوتار قلبه بالتأكيد قبل أن تمرّ على الورق  . قالها بلباقته الزائفة وهو يصبّ العسل لي ولجلّاسه الذين سدّوا عليّ جميع منافذ التردّد أو الاعتذار . ومثل رجل  فقير  يُكَلـّف بعمل أنساني  على حين غرة ، وافقتُ ، ومن غير تفكير في عواقب الأمر ، وفي واقع الحال كنت عاجزاً عن قول أي شيء آخر بين هؤلاء القوم .
لم أقبضْ من كفيه شيئا ، لكنما الرجل دعا لي بحسن العاقبة  .. أوعدني بالجنة  .. بكل ورع  ووثوق  أوعدني بها وكأنه سيتدخلُ شخصيا ً حتى أكون هناك .
يكتسب اللصوص مهارات الخفّة عادة ، وهكذا جرفني موكبه بسلاسة ؛ وأدرك بفطنته نجاح السطو على إرادتي ، النجاح الذي دفعه ليفرش سماط المائدة ِ ، وينصب عليه الأدران واحدة ً واحدة ، وأثناءها أطاح بسدود الاحتشام ، وعلى الرغم  من إنني أبقيت ُ المسافة  بيني وبينه آمنة  كفاية ، لكنّني تعجّلت الخروج والانصراف سريعاً تحسّباً من جرأة المزاح !..
   أثناء مغادرتي ، شغلني إحساس لا يمكن إلّا أن يكون جزءاً من تلك الحقيقة السوداء ، ذلك أنه رغم السعة  والرخاء  المتألقين في وجه الرجل ، إلّا انه أبداً ، أبداً ، أبداً ، لم يكن بوسعه التخلّص من صورة شبح جد سلالة   (علي بابا ) المرسومة في أعماق عينيه . كنت أراها تهتزّ بتعاسة  جليـّة إثر كل مرّة  يغرب فيها ضاحكاً ، حيث  تتبرّم شفتاه  وتلتوي ، ويسحب أنفاساً عميقة  من أنفه  مسترجعاً سائلا ً يطلّ من منخريه ؛ يفعل  ذلك وكأنه قد أفرط  في البكاء ، وكنت أرى تلك الصورة المعتكرة ، أيضا ، حين يطرق متأملا ، حيث تغيم الأشياء بين عينيه ويحـسّ بثقلها المؤلم ، فيخلع نظـّارته ويعتصر أعلى أنفه  بأطراف أصابعه .                                                                                                                                                                                                         ـ الحمد لله عل كل حال .. الحمد لله على كل حال .                                                                                                                                                    وينشأ يردّد مثل هذا الكلام ، وهو يزوغ بناظريه .
                                                         ◘ ◘ ◘

غششنا بخوف  واضطراب  .. غششنا بفزع حقيقي في أول يوم الامتحان ، و أعدنا الكرّ ة بنشوة  في اليوم الثاني . وفيما بعد لازمني شعور بالارتياح ِ ، بعد أن أسديت إلى ابن ( علي بابا ) خدمة  لا توصف ، ولا تقـدّ ر بثمن . كانت تلك سنته الأخيرة في ثانوية التجارة ، بعد أن أمضى فيها سنوات  عدّة متقلّبا ً بين الفشل والنجاح .
كان دماغه يشتغل  بطريقة  محيـِّرة ، فبقدر ما يتعلّق الأمر بالدراسة والكتب العلمية ، لم يكن سوى حمار حرن  ، إذا جاز  لي أن أعدّ الحمارَ غبيا ً إلى هذا الحد ؛ غير أنه في حلبات أخرى يمسي متسابقاً ظافراً ، وفي الحال يسفر عن موهبة  ، مشعـّة  ، نَيـِّرة  !. يبدو أن تلافيف ذلك الدماغ قد عُبّأت بحبّ المال  والنساء فقط ، وصُمِمَت على هذا النحو بأكبر قدر  من الذكاء . و بقيت هذه الموهبة الفذّة مدفونة في محارتها ، كاللؤلؤ المكنون ، لا يعلم عنها ، أو يحسّ بها أحد آخر .
بعد أن فات على موعد الامتحانات أكثر  من شهر  ، كنت ذات مساء ، أتسكّع قريباً من ذلك المحل ، وكان ( علي بابا ) حاضراً فيه كعادته ؛ وما أن لمحته ، دخلت إلى المحل  لأطمأنّ على نتيجة امتحان ابنه ، على الرغم من كوني واثقاً كل الثقة  من نجاحه  . بصراحة ، كنت أعرف ما ستؤول إليه تلك النتيجة ، إنما أردتُّ أن أسأل وحسب  ، ربما تحت تأثير نزوة كسب أكبر قدر من المديح ، في حضرة هؤلاء الأثرياء  ..
أجلسني الرجل جنبه ، وأخبرني بمرارة أن ولده فشل في الامتحان !..
تَـفَـرَقتْ شفتاي ذهولا ً ، وغاصت عيناي في محجريهما .. غاصت إلى درجة  تشـَوهَت فيها ملامح الأشياء أمامي . لم يكن الرجل مازحاً ، كان وجهه  ناضحاُ  بألم الخيبة ، ولسانه يجترّ كلمات اللوم و العتب ، ويطلق أصواتَ جوفيـّة لا معنى لها ، تعبيراً عن شدّة ضيقه ، وضياع أمله .                                            ـ لا أصدِّقُ هذا .. كلامك بعيد عن المعقول ، يا لها من مفاجئة !..                                                                                                                                    قلت له ذلك في غمرة ذهولي ، وأردفت :                                                                                                                                                                      ـ إنني بيدي هاتين وضعت الكتاب في حجره ، وتركته يتصفح الإجابات واحدة ً واحدة .. كيف يمكن أن يحدث خلاف ذلك ؟ ..
لكن الرجل رفع  نظـّارته عالياً ، وغرز عينيه في عينيّ وقال بصدق لا تشوبه شائبة :                                                                                                           ـ كان يـُفتـَرَض بك أن تواصل كرمك مع ابني ، وتـَدِلـّهُ على تلك الإجابات  بنفسك ، بدلا ً من تركه تائهاً بين دفتي كتاب يجهله تماماً .
كانت تلك واحدة من المفارقات التي لا يُمكن نسيانها ، جعلتني أتخبط بين مشاهد هزيلة ، معتمة ، مضحكة ، وموجعة ، تعيد عليّ ، من وقت لآخر ، ذكرى أيام الامتحانات ، كندوب  محفورة في الأعماق .
                                                 ◘ ◘ ◘

لم أتبين ، إثر مرور السنين ، كيف ومتى أصبح َ ابن ( علي بابا ) موظـّفاً ، سألت أحد أصدقائي عن هذا الأمر ، وكان هو الآخر لا يعلم بأمره . ذات مـرّةً قصدت المصرف الحكومي الوحيد في مدينتنا ؛ لأجده جالساً في كرسي ( أمين الصندوق ) ، وأمامه لوح صغير نقش فوقه اسمه . تعرّف علي في الحال ، فأشاح  بوجهه جانباً ! . ربّما  كان يظـُنني غشّاشاً رديئاً ، لا يـُعتمد عليه في الأوقات الحاسمة ؛ وبذلك لم أكن أستحق التفاتته ، واهتمامه .
 عقب وقت قصير من زيارتي للمصرف ، تسنّم ابن ( علي بابا ) موقعاً مرموقاً في المصرف ، هنا تفتقت مواهبه بعنفوانها مثيرةً إعجاب رؤسائه ، وحسد الآخرين ؛ وبات من أكثر الموظفين مهارة وتفنّناً . صرت أراه ، في كثير من الأمسيات جالساً في ذلك المحل برفقة والده ، وبين جمع من رجال الأعمال .
وفي يوم صيفي خانق ، انشغل الجميع فيه بالبحث عن نسمات الهواء ، أعلِنَ ، على نحو مذهل ، أن ابن ( علي بابا ) دبـّر طريقة عجيبة ، الشيطان وحده يعرفها ، في إخراج كمية كبيرة من نقود المصرف ، رقما فلكياً ، كما يحلو للبعض أن يصفه ، وهرب به إلى المجهول ..
كانت صدمة  مؤلمة ، بالنسبة للجهات الرسمية ، ودهشتها تفوق الوصف ..                                                                                                               كيف دخل الخزنة ؟.. وكيف خرج بكل هذه الأموال من المبنى المحكم ؟.. إن هذا لغز محيـّر ،
لا يمكن أن يتقنه إلّا ( علي بابا ) بشخصه وحده ، والذي يحفظ الأسرار ، ويعرف كيف يردّد عبارة ( افتح ْ يا سمسم ) ، فتنفتح لرجّة لسانه المغاليق .
خلال بضعة أيام قلبوا الدنيا بحثا ً عنه . نقلوا كل ّ شيء يخصّه إلى العاصمة : ( صورته ، التي تشبه صور المطربين الشباب ، وطبعات أصابعه ، أوصافه ، عناوين أقاربه ، ووصفوا حتى  تفاحة آدم التي تتخضخض في بلعومه حين يحتدم الكلام ) . لكنه كان فصّ ملح  وذاب !..
كانت الأموال هذه كافية لجعله يرتع في رغد النعيم طوال حياته .
   بعد مرور ما يكفي من الوقت للنسيان ، نسيت الحكومة أمره ، ونسيه الناس أيضاً ، ولم يعد أحد ٌ يتذكر ابن ( علي بابا )
أنا لا أسلّم بتلك الحلول ، التي تأتي بها الأيام لوحدها ، غالبا ً ما تكون هذه الحلول متعثرة ، ضعيفة ، لا تدوم طويلاً . إن الأيام غدّارة ، سرعان ما تأتي لتأخذ ما تعطيه .
الآن تغيرت الأشياء ، تـَبَدَلَت الحكومة ، وذهبت أناس ، وجاءت أناس ؛ وعادت إلى ديارها ، أسراب من المهاجرين ، ومن الهاربين أيضاً . وعلى مهل ، وفي منتهى الحذر،  عاد ابن ( علي بابا ) سالما ً وغانما .. عاد مثل صيـّاد  يتقنـّص في بستان . تنفسَ بملء صدره حين وجد أن ذاكرة الناس وذاكرة الحكومة قد تـُلِفتْ ، بل إن كثير من الناس لم يعودوا يعرفونه ، وآخرون لم يعنيهم أمره  ، إنه لم يسرق تلك الأموال من جيب أحد ، وهذا الأمر وحده كفيل بأن يبعده عن الألسن ..                                                                                                                                                                                                                   كان التوق الكبير إلى أهله ، و مسكنه ، والتوق الأكبر ، والأكبر إلى المصارف  ، قد عادا به إلى البلاد سريعاً ..
في بضعة أيام لا أكثر ، وضع اسمه ضمن قوائم المضطهدين ، العائدين إلى الوطن .. المضطهدين الذين هم أولى الناس بالرعاية . ولم يطل ْ به المقام حتى أ ُعيدَ إلى وظيفته بعد أن انتقى اسم المصرف الذي يليق به .. عاد وقد أزهرت شجرة مواهبه وذكى أريجها من جديد. صقلت المحطات والدروب الغريبة هذه المواهب ، وشحذت همته ، واستضاءت مخيلته بأنوار ساطعة .. وها هو الآن في ربيع الوطن !.
بقدر ما يتعلق الأمر بي ، أنا أشعر بالحرج .. الحرج والأسف ، كان يفترض أن أحرص على عدم التعليق بشيء على أفعاله ، فلأول مرّة  في حياتي أدعك هذا الإنسان بكلمات  خشنة  ، وربّما غير متحضّرة  .. فلتسامحني الملائكة على ذلك .. وليغفر والده لي أيضاً ، فقد أوعدني الرجل ذات مرّة  بالجنّة . وفي الوقت نفسه أبارك له مشروعه الكبير ، الحديث ؛ فقد افتتح الرجل مصرفاً تجاريّاً حديثاً ، فليمنحه الله الثروة في سعيه الحثيث ، وليبعده عن حسد الحاسدين ؛ ولكن ستبقى ثمة شوكة تنخس جنبي نخساً كلّما ذُكِرَ اسم مصرفه في حضوري  ، والذي يحمل بين حروفه ألوفاً مؤلفة من المسامير .. كان اسم مصرفه ” مصرف الثقة ” ! .
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *