نال ( أليكسي ماكسيموفيتش بيشكوف ) ، الذي بات يُعرَف باسم مكسيم غوركي ، شهرة تاريخية وأسطورية ، في عالم الأدب الإنساني ، أثناء حياته ، أو بعد مماته على حد السواء . ونجح غوركي في تأسيس ( الأدب السوفيتي ) في مرحلة الثورة الاشتراكية ، كما نجح في خلق ( الواقعية الاشتراكية ) ، التي هي نداء أدبي تخدم فيه جماليات وأساليب الكتابة الهدف الأسمى لبناء الدولة والمجتمع الاشتراكيين . ويعود الفضل لهذا الكاتب العبقري في تأسيس ( إتحاد الكتّاب السوفيت ) . وكان صديقاً مقرّباً لكل من لينين وستالين . وقد أطلق اسمه على ثالث أكبر مدينة في روسيا ، وهي مدينة نيجني نوفغورود الآن ، كما كان في روسيا ، آنذاك ، ما مجموعه ( ٤٧٢٨ ) شارعاً ، وطريقاً ، ومدرسة ، ومعهداً ، ومكتبة ، ونادياً ، ومصنعاً ، يحمل اسم مكسيم غوركي .
كانت أعماله الإبداعية تحظى بشعبية واسعة ، ليس في الإتحاد السوفيتي وحسب ، بل في عموم العالم . وصار محطّ إعجاب النقّاد والمهتمين بشؤون الأدب ، وتمّ ترشيحه لجائزة نوبل خمس مرّات ؛ غير أن لجنة الجائزة كانت تحجب اسمه من الجائزة ، لما كان يتمتع به مكسيم غوركي من صداقة مع ستالين ، وما يؤمن به من مبادئ تغيض الغرب الرأسمالي .
كانت حياة مكسيم غوركي الرائعة حافلة حقّاً ، وممتلئة ، ومكثّفة إلى حدّ بعيد ؛ مّما يجعل وقته ضيّقاً تماماً ، بصورة دفعت أحد كتّاب سيرته الشخصية يقول عنه ” لم يكن لدى غوركي سوى القليل من الوقت للتفكير في الله وروحه “. ومع ذلك كان لا يزال لديه وقت لشؤون الحب ! .
وقع غوركي ، عندما كان في عمر الحادية والعشرين ، في حب فتاة جميلة تُدعى ماريا ياسارجينا ، ولم يكن وقتها كاتباً مشهوراً ؛ غير أن غوركي فشل في الارتباط معها ، حين رفضه والدها ، معتبراً غوركي غير أهلاً للزواج من ابنته . ولكن حتّى بعد بضعة سنوات ، حين أمست الفتاة متزوجة من شخص آخر ، استمرّ غوركي في كتابة الرسائل الرقيقة لها .
كان زواجه الفعلي ، الأول ، الذي لم يكن من المعتاد الإشارة إليه لسبب ما ، هو زواجه من أولغا كامينسكايا ؛ وهذه المرأة أكبر بكثير من عمر غوركي ولديها ابنة . لم يستطع أي شيء من منعه الاقتران بها ، فقد غزت قلبه أولغا الكاتبة ، الخفيفة الظل ، وصاحبة النظرة الايجابية للحياة ، وعاشا معاً لمدة عامين ، قبل أن يعودا لينفصلا عن بعضهما .
وما لبث أن تعلّق قلب غوركي في هوى فتاة تُدعى إيكاترينا فولجينا ، التي تُعد الزوجة الرسمية لمكسيم غوركي ، والتي تزوّجها حينما كان عمره ثمان وعشرين عاماً ، بينما كانت هي في سنّ العشرين . عاش الزوجان معاً لمدة سبع سنوات ثم انفصلا ، ولكن حتّى نهاية حياتهما لم يتطلقا . أنجبت كاترين ولداً وابنة للكاتب .
وفي ذات الوقت الذي كان يعيش فيه مع زوجته كاترين ، ارتبط بقصة حب جديدة مع امرأة ذات سمعة اجتماعي سيئة ؛ حاول غوركي وضعها على الطريق الصحيح بالإيمان والأخلاق ، ولا يُعرف إن كان غوركي نجح في مهمته العاطفية هذه أم لا ، فسرعان ما طويت هذه الصفحة .
في عام ١٩٠٠ ، التقى غوركي بالممثّلة المسرحية ماريا أندريڤا ؛ كانت جميلة بجنون ، وتمتّعت بشعبية عظيمة ، وعند رؤيتها على خشبة المسرح لأول مرّة ، أذهل جمالها وموهبتها مكسيم غوركي في الحال ، أضف إلى ذلك أنها كانت معروفة بمواقفها البلشفية آنذاك . يُقال بفضل هذه الحسناء الباهرة الجمال انضمّ غوركي إلى حزب العمّال والفلاحين ! . غادرت أندريڤا وغوركي عائلتيهما ، وذهبا ليعيشا معاً ، لقد توحّدا ليس بالحب وحده ، وإنما بالمبادئ الثورية المشتركة أيضاً .
في عام ١٩١٧ ، ومع اندلاع الثورة الاشتراكية في روسيا ، تصدّعت العلاقة بين الكاتب والممثّلة . افتقدت أندريڤا المسرح ، أطفالها الذين تركتهم خلفها بصحبة زوجها ؛ بينما التقى قلب غوركي بملهمة جديدة هي ماريا زاكيفسكايا . وكانت هذه المرأة ـ وفقًا لبعض التقارير ، مغامرة دولية وعميلة سريّة ثلاثية (لأجهزة المخابرات الألمانية والبريطانية والشرطة السريّة الروسية ؛ وقد تمّ إرسالها خصيصاً للكاتب. منذ عام 1919 ، بدأ غوركي وزاكريفسكايا في العيش معًا. في البداية ، لعبت ماريا بأمانة واجتهاد دور الزوجة ورفيقة السلاح ، وكانت ممرضة ، وسكرتيرة ، وطاهية ، ومحادثة ممتازة ، وتفاوضت مع الناشرين وترجمت مخطوطات غوركي إلى لغات أخرى ورافقته في رحلاته . لكن بعد مرور عام ، بدأت في السفر والمغادرة ، في البداية لفترة قصيرة ، ثم غابت أكثر فأكثر ولفترة طويلة. قالت زاكريفسكايا نفسها إنها ذهبت لزيارة أطفالها ، الذين يعيشون بشكل منفصل. في عام 1927 ، غادرت للإقامة الدائمة في الخارج ، ولم تأت إلا بدعوة من الكاتب . بالمناسبة ، لسبب ما ، أصبحت ماريا زاكريفسكايا وريثة جميع المنشورات الأجنبية لمكسيم غوركي .
عند تشييع جثمان مكسيم غوركي ، كان جمع من تلك العشيقات والزوجات يمشين خلف جنازته .