كان صاحب أطفالٍ يحترق من الغمّ ، يقتلع الشوك إلى الليل ويبيعه . كان درويشاً ومُسنّاً وعاجزاً جداً ، متروكاً مع أطفالٍ ومع زوجة شابّة . ما لم يكسر بدنه مئة مرّةٍ أوّلاً ، لا تحصل له خبزة بشكل صحيح . منزله كان وسط الصحراء ، فجأة مرّ به موسى مسرعاً . رأى الحطّاب موسى ذاهباً جهة الطور ، قال له من أجل الله الغفور ؛ أطلب من الله أن يرسل القوت لي ، كل يوم ، بلا مشقّة ؛ ذلك أنه إلى أن أحصل على خبزة ، الفلك البعيد يعطيني مئة كَسر ؛ يجب علي قلع الشوك كل يوم ، بأمل أن يجيء لي القوت باليد ؛ ذاك الذي يَلزمُ لي من إلهي ، هو أن يفتح لي من الفضل باباً .
حين ذهب موسى ، وقال السرّ للحقّ ، أعاد قول قصة ذاك الشيخ العاجز ؛ الحقّ تعالى قال : من كل ما طلب ذاك الشيخ من أمر الدنيا ، لن يصير أي شيءٍ صحيحاً ، لكني أعرف له حاجتين فقط ، حين يطلبهما أقضيهما له ؛ عاد موسى وقال عن الله ، ليس لك غير حاجتين متاحتين هنا ؛ الأمر أتى لك من الإله بحاجتين ، وغير الدنيا كل ما تشاء أطلبْ .
ذهب الحطّاب في الصحراء ليجيء بالشوك ، وليطلب تلكما الحاجتين أيضاً . وأرسل القضاء ملكاً ، كان يصيد في الصحراء ، فمرّ بزوجة حمّال الشوك ذاك ؛ ليرى صورة جمالها الزائد . سأل الملك : من هو قيّمها ؟ ، قال له واحد : شيخ ، حمّال للشوك . قال الملك : ليس لها بكفؤ ، لا أعرف شخصاً غيري رجلاً لها .
أمر الملك أن تُحْمَلَ في صندوق إلى المدينة . وحينما عاد حمّال الشوك وقت صلاة العصر إلى ركنه ، حاملاً الشوك ، رأى أطفاله مشوِيّة أكبادهم ، وهم يبكون جميعاً في غمّ أمهم ، فأعاد السؤال أن أين أمكم ؟ ، فقالوا القصة صحيحة أمامه . الشيخ صار حائراً ، وصار يبكي دماً ، فهو من دون الزوجة لا يقدر على العيش أبداً . قال : يا ربّ ، أنت أنعمت على قلبي بهاتين الحاجتين اللتين أمرت بهما لي ؛ يا ربّ تلك المرأة أنت تعلم بها ، حوّلها إلى دُبّة في هذه اللحظة ؛ قال هذا وذهب مرير العيش كالسمّ . ذهب إلى المدينة من أجل أن يبيع الشوك ، ويجلب الخبز للأطفال .
الملك لمّا عاد إلى المدينة من الصيد ، قال : أيها الخادم هاتِ ذاك الصندوق ؛ حين فتحوا ذاك الصندوق من جديد ، رأى الملك ، عالي القدرِ ، وجه دُبّة ؛ قال : كأنها تمتلك جنيّاً مسخّراً ، فهي في كل لحظة يكون لها صورة أخرى ، هيا احملوها إلى حيث كانت مجدّداً ، حتّى لا يجيء الجن علينا مستعلياً .
حمّال الشوك حين باع الشوك في المدينة ، واشترى الخبز ، ذهب عاجزاً نحو الأطفال ؛ فرأى دُبّة ما بين الأطفال ، وأولئك الأطفال في فرارٍ من الخوف منها . حامل الشوك إذ رأى الدُبّة هناك ، كما لو قلت ذو مئة ظمأٍ رأى بحراً ؛ قال يا ربّ بقيت لي حاجة واحدة ، إرجعْ زوجتي كما كانت هذه اللحظة ؛ الدُبّة صارت في الحال كما كانت الحاجتان ، ترك الجحود ، قال شكراً بلا قياس ، قال يا ربّ حافظ عليّ حَسَناً ، أنا قانع إن كنت تتركني هكذا .من قبل ، وزاد لها الجمال عن ذاك الذي كان من قبل . حين رأى الأطفال الأم ظاهرةً ، طار قلب كل منهم فرحاً . الرجل إذ أُتيحت له تلكما