سهراب سبهري : شاعر يرسم بالكلمات
محمود يعقوب .
وُلد الشاعر الإيراني سهراب سبهري في مدينة كاشان . وأتم تعليمه الابتدائي والمتوسط في نفس المدينة . ثم التحق بكلية الفنون الجميلة في طهران . وحصل على درجة الليسانس في الرسم عام 1953 . وسافر عام 1957 إلى باريس ولندن . وفي عام 1958 إشترك في أول بنيالي في مدينة طهران . ثم في بنيالي فينيسيا . وفي عام 1960 اشترك في البنيالي الثاني الذي أقيم في طهران وحصل على الجائزة الأولى للفنون الجميلة . وبالإضافة إلى كونه رسّاماً كان سهراب ينظم الشعر أيضاً . وقام بترجمة بعض القصائد اليابانية إلى اللغة الفارسية . وفي عام 1961 إعتزل الوظيفة البحكومية وتفرّغ لمزاولة الرسم وكتابة الشعر . وفي عام 1979 ، سافر إلى انجلترا للعلاج من مرض سرطان الدم ، ولكنه عاد إلى طهران في نفس السنة ، وظلّ يعاني من مرضه حتّى توفي عام 1985 .
من أهم دواوينه الشعرية : زندگي خوابها ( 1953 ) ، شرق أندوه ( 1961 ) ، ماهيج ، مانگاه ( 1977 ) . يفيض شعره بالصور الجديدة والجميلة ، ويتميّز بأسلوب ولغة خاصة به ، وهو ينقل القارئ في قصائده إلى عالم جذّاب . وقد تأثّر في كتابة ديوانه شرق أندوه بلقصائد اليابانية القصيرة . وتغلب على أشعاره مسحة الحزن ، وما لبث في آخر أيامه أن غلبت عليه المسحة الصوفية .
أنا كاشاني :
أنا من أهل كاشان ،
وحرفتي الرسم ،
وأرسم بين الحين والآخر قفصاً بالألوان ، وأبيعه لكم ،
حتى تسعد قلوبكم الوحيدة
بصوت الشقائق المحبوسة فيه ،
أي خيال ، أي خيال هذا ، إنني أعلم
أن لوحتي لا روح فيها ،
إنني أعلم جيداً ، أن حوض رسمي لا سمك فيه .
المـــــاء :
دعونا لا نجعل الماء طيناً ،
تخيّل أن هناك حمامة تشرب من هذا الماء ،
أو أن طائراً صغيراً يغسل ريشه وجناحيه في هذا الدغل البعيد ،
أو أن أحداً في مكان عامر يملأ جرّة ماء .
دعونا لا نجعل الماء طيناً ؛
فربما يذهب هذا الماء الجاري إلى جذع شجرة
فيمحو الأحزان من قلبها ،
وربما تمتدّ يد فقير لتغمس في الماء قطهة خبز يابسة .
وقدمت إمرأة جميلة إلى شاطئ النهر ،
دعونا لا نجعل الماء طيناً ؛
فقد صار الوجه الجميل وجهين .
كم هو عذب سائغ هذا الماء !
كم هو زلال هذا النهر !
كم لأصحاب اليد العليا من رونق وصفاء !
فلتكن عيون مائهم فيّاضة وأبقارهم مدرّة للّبن !
أنا لم أرَ قريتهم ،
ولكن لا شك أن حلقتهم هي حلقة مقدّسة .
وضوء القمر هناك ، يضئ ميدان الكلام .
ولا شكّ أن الجدران تكون قصيرة في قرية أصحاب اليد العليا ،
ويعرف سكانها أية زهرة تكون زهرة الشقائق ،
لا شكّ أن هناك ماء ، وهو الماء الحقيقي ،
ويصل إلى أهل القرية خبر كل برعمة تتفتّح .
أية قرية يجب أن تكون
لتكن طرق حدائقها مغمورة بالموسيقى !
والناس على شاطئ النهر ، يفهمون الماء ،
ولم يجعلوه طيناً ، فدعونا نحن أيضاً
لا نجعل الماء طيناً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ترجمة محمد نور الدين عبد المنعم .